للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعبدُ شيئاً فلْيَتَّبِعْهُ، فيَتَّبِعُ مَن كان يعبدُ الشمسَ الشمسَ، ويتّبعُ مَن كانَ يعبدُ القمرَ القمرَ، ويتّبعُ مَن كان يعبدُ الطواغيتَ الطواغيتَ، وتَبقى هذه الأُمَّة فيها مُنافِقوها، فيأتِيهِمُ اللهُ - تبارك وتعالى - في صُورةٍ غيرِ صورتِه التي يَعْرِفونَ، فيقولُ: أنا ربُّكم، فيقولونَ: نعوذُ بالله منكَ، هذا مَكانُنا حتى يأتينا ربُّنا، فإذا جاء ربُّنا عَرَفناه، فيأتِيهِمُ الله - تعالى - في صورته التي يعرفون، فيقولُ: أنا ربُّكم، فيقولونَ: أنت ربُّنا، فيتّبعونه». (١)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "لفظ "الصورة" في الحديث: كسائر ما وردَ من الأسماء والصفات التي قد يسمَّى المخلوقُ بها على وجه التقييد، وإذا أُطْلِقَتْ على الله اختصّت به، مثل: العليم والقدير والرحيم والسميع والبصير، ومثل خَلْقه بيديه، واستوائه على العرش، ونحو ذلك". (٢)

** قال أبو محمدٍ ابنُ قُتيبةَ:

"والذي عندي - والله تعالى أعلم - أن الصُّورة ليست بأعجبَ من اليدين والأصابع والعين، وإنما وقعَ الإلْفُ لتلك لمجيئها في القرآن، ووقعت الوحشةُ من هذه لأنها لم تأت في القرآن، ونحن نؤمن بالجميع، ولا نقول في شيءٍ منه بكيفية ولا حدٍّ". (٣)

* فرع:

وهنا مسألة من الأهمية بمكان:

إن مخالفة إمام من أئمة أهل السنة لجماهير العلماء في إثبات صفةٍ ما: لا يُعَدُّ قَدْحاً في ذلك الإمام، ولا يُخرجه عن كونه من أئمة أهل السنة والجماعة، وإلا فلو أنّ كل عالِمٍ توقَّفَ فيه العلماءُ لِزلّة لَما سَلِمَ لنا عالِم... لذا لا بد هنا من التفريق بين إمام من أئمة السنة نَفَى صفةً عن الله -عز وجل- باجتهادٍ قد أَدَّى به إلى ذلكَ لِكَوْنِه رأى هذا الدليلَ بعينه ليس صريحاً في إثبات تلك الصفة، مع كونه متفقاً مع أهل السنة في إثبات سائر الصفات لله -عز وجل-، وبينَ مَن جعلَ نفْي


(١) أخرجه البخاري (٦٥٧٣)، ومسلم (١٨٢).
(٢) [نَقْضُ التأسيس] (٣/ ٣٩٦).
(٣) [تأويل مختلف الحديث] (٢٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>