للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصفات كُلِّيَّةً أصلاً يَرْكَنُ إليه، ويطعن -أيضاً- فيمن أثبتَ الصفاتِ الإلهيّةَ، ويَرميه بالتجسيم والتشبيه! (١)

... وتطبيق ذلك:

ما نص عليه العلماء من مخالفة الإمام ابن خُزيمة في تأويله لحديث الصورة تأويلاً قد خالف فيه جماهيرَ السلف لاجتهادٍ منه في ذلك، مع كونه موافقاً لجماهير السلف في أصل إثبات الصفات الإلهية (٢) ...

فقد نص الإمام أحمد -رحمه الله- لَمّا سُئل عن حديث الصورة ومَن يقول فيه:

إن الله خلق آدم على صورته: أي: على صورة آدم، أو على صورة المضروب، أو نحو ذلك؛ قال الإمام أحمد: "هذا قول الجهمية".


(١) قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
"ومِثلُ هؤلاء إذا لم يجعلوا ما ابتدعوه قولاً يفارقون به جماعة المسلمينَ يوالون عليه ويعادون- كان من نوع الخطأ. واللهُ -تعالى- يغفرُ للمؤمنين خطأهم في مثل ذلك! ". [مجموع الفتاوى] (٣/ ٣٤٩).
هذه إشارة إلى معنى في فقه السلف -رحمهم الله- لأحكام المخالفين، وهو أن: من اختص ببدعة من البدع ونَصَبَها شِعاراً يُوالي ويعادي عليه وفارَقَ به الإجماعَ الذي عليه الصحابة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم- فهذا الانتصار لا يكون إلا من طُرق أهل البدع الخارجينَ عن السنة والجماعة؛ وهؤلاء -في الجُملة- على قدر من التفريط والتقصير في تحقيق ما يجب عليهم من العلم والعمل.
* وذلك يخالف ما وردَ من أقوال لبعض الأعيان من أهل السنة هي من البدع المخالفة للإجماع، وقد عَرَضَ له شيء من الخطأ في بعض مقامات أصول الدين عُروضاً قد يَخفى فيما هو مِن مثل هذا؛ فهذا -وإنْ كان قوله الذي عَرَضَ له بدعةً مخالفة للإجماع، وقد أنكره السلفُ، وشددوا فيه- صاحِبُه لا يخرج به عن السنة والجماعة ويجعله من أصحاب البدع، بل يُعد من أصحاب السنة على هذا القدْر من التعليق في شأنه، ويكون خطؤه في الجملة من باب الخطأ الذي اجتهد فيه، والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «وإذا اجتهدَ فأخطأَ فله أَجْرٌ» كما في حديث عمرو بن العاص في الصحيحين. =
=وهذا يَعني أنّ ثَمَّةَ أقوالاً هي في الأصل من أقوال أهل البدع والضلال عَرَضَتْ لبعض الفضلاء من الفقهاء أو من أصحاب السنة والجماعة... فهذه الأقوال سمَّاها السلف بأسماءٍ، إلّا أنّ مَن عَرَضَتْ له لا يجوز أن يسمَّى بأسماء هذه الكلمات؛ فلا يَلزم من تسمية السلف لهذه: أنّ مَن عرضت له هذه الكلمات يسمى بهذه الأسماء من جهة الخُروج من السنة، فضلاً عن جهة التكفير، فضلاً عما هو فوق ذلك كالمآلات في الآخرة!
(ذكره يوسف الغفيص تعليقاً على الكلام السابق لشيخ الإسلام).
(٢) قال ابن خزيمة بعد أن أورد أحاديث الصورة: "توهَّمَ بعضُ من لم يتحرَّ العلمَ أنّ قوله «على صورته» يُريدُ صورةَ الرحمن! عزَّ ربُّنا وجلَّ عن أن يكون هذا معنى الخبرِ". [التوحيد] لابن خزيمة (ص/ ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>