إليها، مع الأب كانت، أو الابنِ، أو العَبْدِ، أو السَّيِّدِ، ولو حَجَّ الرجلُ أباه بحقٍّ وَجَبَ المَصيرُ إلى الحجة". (١)
٢ - كذلك قالوا في تحريفهم المعنويّ:
إنّ الحجة إنما كانت لآدم -عليه السلام- لأنَّ هذه المناظَرة كانت في دارٍ لا تكليفَ فيها، أي: لم تكن في الدنيا!
وهذا باطلٌ من وجهينِ:
الوجه الأول: انظروا في جواب آدم -عليه السلام-، هل قال مثلاً: "يا موسى، أنتَ قد لُمْتَنِي في غير دار التكليف"؟
والجواب: لا، فلم يتعرّض لذلك، بل استدلَّ بالقدر.
فهل أنتم أعلمُ بالاستدلال الصحيح من آدمَ -عَلَيْهِ السَّلامُ-؟
* الوجه الثاني:
لو تنزَّلْنا معكم، فإنّ المَلامةَ في غير دار التكليف لا تمتنعُ، فالله -عز وجل- يلوم المشركينَ يومَ القيامة، بل إنّ أمّة محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تلومُ الأُمَمَ الأخرى التي كَفَرَتْ في عَرَصات القيامة؛ ولَيستْ هي بِدارِ تكليفٍ!
٣ - كذلك قالوا في تحريفهم المعنويّ:
إنّ الحجة كانت لآدم -عليه السلام- لأنّ ذَنبه كان في شريعته، واللوم من موسى -عليه السلام- ليس له وِجْهةٌ؛ لاختلافِ الشرائعِ بَيْنَهما، فليس لموسى أن يلوم غيرَه على شيءٍ ليس من شريعته!
* والجواب:
وهذا كلام باطل؛ فإنّ أمّة محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تلوم الأممَ السابقة على ذنوبها في عَرَصات القيامة.
* وخِتاماً:
قالوا: إنّ الحجة إنما كانت لآدم -عليه السلام- لأنّه قد وَصَلَ إلى درجة (اليقين)، وهي درجة عالية من العلم، والمَرْءُ إذا وَصَلَ إليها استوت عندَه المعصيةُ والطاعةُ.
** الجواب:
وهذه طريقة الصُّوفِيّةِ الغُلَاةِ الّذينَ يُسقطون التكاليف عن المَرْءِ إذا
(١) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل (١/ ١٤).