للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعاصي، وجعلوا قولَ آدم -عليه السلامُ-: «كَتَبَهُ اللهُ عَلَيَّ» أي: أجبرَني عليه.

ب) أمّا القدرية:

فحرَّفوا الحديث تحريفاً لفظيّاً ومعنويّاً؛ لِيجعلوا الحجةَ لموسى -عليه السلام- في نَفْيِ القَدَرِ السابق.

* قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

"وهذا الحديثُ ضَلَّتْ فيه طائفتانِ: طائفةٌ كذَّبتْ له لمّا ظَنُّوا أنه يقتضي رفع الذم والعقاب عَمَّنْ عصى اللَّهَ لأجْل القدر، وطائفةٌ شرٌّ مِن هؤلاءِ جعلوه حجةً". (١)

** فرعٌ:

من مسالك أهل البِدَع في رد حديث الباب: الطَّعْنُ في سَنَده:

* قال البركانيّ للجبّائِيّ المُعتزليّ: ما تقولُ في حديثِ أَبي الزِّنادِ عن الأَعْرَجِ عن أبي هُريرةَ عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِها وَلا خالَتِها»؟ فقال الجبائي: هو صحيح. قال: فبهذا الإسناد نقل حديث «حَجَّ آدَمُ مُوسَى»، فقال الجبائي: هذا الخبر باطل، فقال البركاني:

"حديثانِ بإسنادٍ واحدٍ، صَحَّحْتَ أَحَدَهُما، وأَبْطَلْتَ الآخَرَ؟! " (٢)

** والقول بتضعيف الحديث قول مردود باطل...

فهذا الحديث ثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بألفاظ مختلفة، وطرق متكاثِرة، وهو في عُلْيا درجات الصحة، وقد اتفق الإمامانِ البُخاريُّ ومُسلمٌ على إخراجه في صحيحَيْهِما،


(١) الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (ص/١٣٤).
وقوله -رحمه الله-: "وهذا الحديث ضلت فيه طائفتان: طائفة كذّبت به لما ظنوا أنه يقتضي رفع الذم والعقاب عمن عصى الله لأجْل القدر"... هؤلاء هم المعتزلة، فقد كذّبوا بالحديث، وقالوا: إنّ هذا الحديث باطل. قالوا هذا مع أنه في الصحيحينِ، ومتفقٌ على صحته!
ثم يقول: "وطائفةٌ شرٌّ مِن هؤلاء، جعلوه حجةً"، أي: إذا كان المعتزلة نُبدِّعُهم ونُضلِّلُهم لأنهم أبطلوا حديثاً واحداً؛ فالجَبْرِيّةُ سيُبطلون الشريعة كلها، سيبطلون الصلاة والصوم والزكاة، وحُرْمةَ الزنى وحرمةَ شُرْبِ الخمر؛ ولذلك هُمْ شرٌّ من المعتزلة.
(٢) طبقات المعتزلة (ص/٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>