للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* أمّا قولُه -تعالى- «ورُوحٌ مِنْهُ»:

فالمعنى: أنّ رُوح عيسى -عليه السلام- مبتدَأة من الله -تعالى-، وأنّ الله خلقَها، كما قال الله عما خلقَ في السماوات والأرض: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ} [الجاثية: ١٣]، فكلُّ ذلك من الله -تعالى-، هو الذي ابتدأ خلْقه وأوجدَه وأعطاه ووهبَه، فلقدْ خُلق عيسى -عليه السلام- مِن أثر نَفخة جبريل -عليه السلام- في جَيب دِرع مريم -عليها السلام- بأمْر الله إياه بذلك، فنُسِبَ إلى أنه رُوح من الله، فنُسبت رُوح عيسى -عليه السلام- إلى الله -تعالى-؛ لأنها وصلت إلى مريم -عليها السلام- في آيةٍ من آيات الله، فقدْ حَملتْ بعيسى من غير أب؛ فبهذا امتاز عن بقيّة الأرواح.

عَودٌ إلى حديث الباب...

«والجَنّةُ حقٌّ، والنارُ حقٌّ»:

أيْ: وشَهِدَ أنّ الجنة التي أخبر الله -تعالى- بها في كتابه حقٌّ، مخلوقةٌ موجودةٌ الآنَ، لا شكَّ فيها، وشَهِدَ أنّ النار التي أخبر الله -تعالى- بها في كتابه حقٌّ مخلوقةٌ موجودةٌ الآنَ لا شكَّ فيها.

قال -تعالى-: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: ٢١]، وقال -تعالى-: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} [النجم: ١٣ - ١٥]، وقال -تعالى-: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: ١٣٣]، وقال -تعالى-: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [آل عمران: ١٣١].

وهذا الفعل {أُعِدَّتْ} في الآيات هو فعلٌ ماضٍ، دلَّ على أنّ الجنة مخلوقة موجودة الآنَ، وكذلك النارُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>