للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمران:

١ - الأول:

أنه لم يصحَّ ذلك عن أحد من الصحابة -رضي الله عنهم- من ذلك شيء. (١)

الثاني:

ما روي في ذلك واحتمل سنده الصحة، مثل ما ذكره ابن القيم عن أبي هريرة - رضي الله عنه أنه - قال:

ما أنا بالذي لا أقول أنه سيأتي على جهنم يوم لا يبقى فيها أحد وقرا قوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} الآية. (٢)

فيقال فيه أمور:

١ - الأول:

أن يتم تأويله ليكون موافقاً لما هو محكم من أدلة الكتاب والسنة وإجماع الأمة على عدم فناء نار الكافرين، فيؤول كما قال عبيد الله -وهو أحد رواة أثر أبي هريرة السابق -:

" كان أصحابنا يقولون يعني به الموحدين"، فحمل هذا الأثر على الطبقة الي فيها عصاة المسلمين متعيّن؛ وذلك لأنه به يحصل الجمع بين الأدلة.

ونص على مثل صاحب الزواجر، وذكر توجيه الكلام على التنزل بصحة سنده، فقال:

" لم يصح عن الصحابة -رضي الله عنهم- من ذلك شيء، وعلى التنزل فمعنى كلامهم كما قاله العلماء ليس فيها أحد من عصاة المؤمنين، أما مواضع الكفار فهي ممتلئة بهم، لا يخرجون عنها أبداً، كما ذكره الله -تعالى- في آيات كثيرة ". (٣)

ونص على مثل هذا التوجيه الخازن في تفسيره، وزاد عليه قائلاً:

"وهذا إن صح عن ابن مسعود وأبي هريرة-رضي الله عنهم- فمحمول عند أهل السنة على إخلاء أماكن المؤمنين الذين استحقوا النار بعد إخراجهم منها، لأنه ثبت بالدليل الصحيح القاطع إخراج جميع الموحدين وخلود الكفار فيها، أو يكون محمولًا على إخراج الكفار من حر


(١) وقد ذكرَ طرفاً من ذلك تقيُّ الدين السبكي في رسالته [الاعتبار ببقاء الجنة والنار]، ثم ردَّ عليها، وبيَّن ضعف الآثار الواردة عن الصحابة -رضي الله عنهم- في هذا الباب.
*وممن صنَّف في ذلك: سليمان بن ناصر العلوان في رسالة "تنبيه المحتار على عدم صحة القول بفناء النار عن الصحابة الأخيار"، فقد أتى على كل الأثار التي نُسبت للصحابة -رضي الله عنهم-وبيّن ضعفها.
(٢) وانظر حادي الأرواح (ص/٣٥٩) والدر المنثور (٤/ ٤٧٨)
(٣) وانظر "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (١/ ٣٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>