للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأهل الكبائر، والقرآن يدل على هذا". (١)

** فأما الرد على استدلالهم بقوله تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: ٤٨]

فحال من يستدل بهذه الآية على نفي الشفاعة كحال من يقول بحرمة الصلاة مستدلاً على ذلك بقول الله: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} [الماعون: ٤]، فاجتزاء النصوص من سياقاتها هو طريقة أهل البدع؛ فقوله تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} إنما هو في نفي الشفاعة عن المشركين، وسياق الآيات يدل على ذلك، فقد قال -تعالى- قبلها:

{ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦)}

[المدثر: ٤٦].

بل لنا أن نقول:

إن هذه الآية دليل عليهم، فلما نفَى الله -تعالى- الشفاعة عن الكافرين دل ذلك على وجودها لِمن سِواهم، وإلا لَمَا كان في نفيها عنهم فائدةٌ.

قال الذهبي:

"قال الله في حق الكفار: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: ٤٨]، فمفهوم أنّ غير الكفار تنفعهم شفاعة الشافعين". (٢)

** وكذلك يقال في الجواب عن استدلالهم بقوله تعالى: {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ}؛ فسياق الآيات يتناول نفي الشفاعة عن الكافرين الذين اتخذوا أنداداً مع الله -عز وجل-: قال تعالى: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٩٨) وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ (٩٩) فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (١٠٠)} [الشعراء].

** الرد على استدلالهم بقوله تعالى: {واتقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ} [البقرة: ٤٨]:

استدلال المعتزلة بهذه الآية على نفي الشفاعة لأهل الكبائر باطلٌ؛ وذلك لأن الشفاعةَ المنفية في الآية الشفاعةُ للكافرين، ويدل على ذلك وُجوهٌ:


(١) وانظرالشريعة (٣/ ١٢٠٣) والوعد الأخروي (٢/ ٥٨٠).
(٢) إثبات الشفاعة (ص/٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>