للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصدِّيقين وغيرهم بمنزلة واحدة. (١)

٣ - الوجه الثالث:

أما حصرهم للإيمان هو التصديق؛ بناءً على ما ذهبوا اليه أنَّ الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وأن هذا محله لا يكون إلا فى التصديق!!

مردود بأنَّ التصديق القلبي كذلك يزيد وينقص، وقد سبق ذكر أدلته بما يغني عن إعادته.

فمن صدّق فى الأمورالعملية والاعتقادية من أسماء الله -تعالى- وصفاته وأمور الغيب والملائكة يزيد إيمانه عمَّن خلا قلبه من هذا التصديق؛ لعدم علمه بهذه التفصيلات في مسائل الاعتقاد.

فكلما زاد علم المرء بهذه الأمور وصدّق بها فهو أكمل إيماناً ممَّن لم يعلمها، وعليه فتصديق القلب يتفاوت بين الأشخاص، يزيد وينقص بقدر ما في الشخص من العلم والتصديق.

قال النووي:

فالأظهر -والله أعلم- أن نفس التصديق يزيد بكثرة النظر وتظاهر الأدلة، ولهذا يكون إيمان الصدِّيقين أقوى من إيمان غيرهم، بحيث لا تعتريهم الشبه ولا يتزلزل إيمانهم بعارض، بل لا تزال قلوبهم منشرحة نيِّرة، وإن اختلفت عليهمَ الْأَحوال. (٢)

قال السبكي:

لا يشك عاقل في أن إيمان الصديق ليس كإيمان آحاد الناس حق، ففرقٌ بين إيمانٍ ثبت ورسخ وصار لا يقبل تزلزلاً، وإيمان بخلافه. (٣)

* ثم يقال:

القول بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص هو قول متأخري الأشاعرة، فقد ذهب جماعة من المتقدِّمين منهم إلى خلاف ذلك، فقالوا بزيادة الإيمان ونقصانه، كما قول البيهقي وعبد القاهر البغدادي والآمدي وأبي القاسم القشيري وتقي الدين السبكي. (٤)


(١) وانظر فتح الباري (١/ ١٦٩)
(٢) شرح مسلم النووي (١/ ٦٩)
(٣) وانظر طبقات الشافعية للسبكي (١/ ١٣٣) والمسائل التي نقل فيها ابن تيمية الإجماع (ص/٥٣٧)
(٤) وانظر الاعتقاد للبيهقي (ص/١٩١) وشرح النووي على مسلم (١/)

<<  <  ج: ص:  >  >>