للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من "المنان" إلحادًا في أسماء الله وتجرياً على الشرك به. (١)

لذا فقد حذَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- من الغلو في مدحه، فقال: «لَا تُطْرُونِي، كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ، وَرَسُولُهُ». (٢)

ولما قال رجل لرسول الله - صلّى الله عليه وسلّم- " ما شاء اللُه وشئتَ "، عقَّب عليه، وقال: «أجعلتني لله نداً بل ما شاء الله وحده» (٣)

وإذا كان هذا في حقه صلى الله عليه وسلم، فغيره من البشر أولى. (٤)

و صدق شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال:

"والنفوس قد أشركت بتماثيل القوم الصالحين، فلأن يُشرَك بقبر الرجل الذي يعتقد نبوته أو صلاحه، أعظم من أن يشرك بخشبة أو حجرعلى تمثاله. (٥)

* وتأمل في فعل صحابة النبى - صلى الله عليه وسلم - في سد الذرائع الموصلة إلى شرك الغلو في الصالحين:

لما فتح الصحابة -رضى الله عنهم- مدينة تستر وجدوا جسد النبي دانيال -عليه السلام- الذى قُدّر أنه مات قبل ثلاثمائة سنة من البعثة النبوية تقريباً، وجدوه وما تغير منه شئ، فحفروا بالنهار ثلاثة عشر قبراً متفرقة، فلما كان الليل دفنوه، وقاموا بتسوية القبور كلها، لتعمية قبره على الناس؛ فقد رأوا أنَّ السماء كانت إذا حبست عن الناس أبرزوا السرير فيمطرون، فأراد الصحابة -رضى الله عنهم- غلق هذا الباب من الفتنة. (٦)

قال ابن القيم-رحمه الله- تعقيباً على ذلك:

ففى هذه القصة ما فعله المهاجرون والأنصار من تعمية قبره لئلا يفتتن به الناس، ولم يبرزوه للدعاء عنده والتبرك به،


(١) جامع البيان في تأويل القرآن (٢٢/ ٥٢٢) و تيسير الكريم الرحمن (ص/٨١٩)
(٢) رواه البخاري (٣٤٤٥)
(٣) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (ص/١١٦) وحسنه الألباني في الصحيحة (١/ ٥٦ - ٥٧)
(٤) الدرر السنية (٣/ ٢٤٧)
(٥) اقتضاء الصراط المستقيم (ص/١٩٢)
(٦) قال صاحب كتاب التوضيح الرشيد في شرح التوحيد " وهو أثر صحيح. أورده الربعي -رحمه الله - في كتاب فضائل الشام، انظر تخريج كتاب فضائل الشام (ص ٥١)، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في أشرطة فتاوى سلسلة الهدى والنور (ش/ ٣٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>