للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جدارين من ركني القبر الشماليين وحرفوهما حتى التقيا؛ حتى لا يتمكن أحد من استقبال القبر.

ولهذا قال في الحديث " ولولا ذلك لأبرز قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً " (١).

فأين هذا من تلك الأضرحة التى أبرزت في المساجد، فأخذت زخرفها وأزيَّنت تسر الناظرين.

٢ ا-الأمر الثاني:

النبي -صلى الله عليه وسلم - قد دعا ربه فقال: " اللهم لا تجعلْ قبرى وثناً يُعبد" (٢)

وهذه الدعوة - بفضل الله- استجيبت للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد وضعت التحصينات والحواجز التى تحول دون الوصول للقبر الشريف، ويُطرد عن القبر كل من يظهر أمراً من المغالاة أو المبالغة عند القبر النبوى.

- قال أبو العباس ابن تيمية:

وقد استجاب الله دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم، فلم يُتخذ - ولله الحمد - قبره وثنًا يعبد، ولا يمكن أن يفعل عنده ما هو دون هذا وذريعة إليه مما نهى عنه، فلا يستطيع أحد أن يفعل عند قبره منكرًا. (٣)

- لذا قال ابن القيم:

فأجاب ربُ العالمين دعاءه... وأحاطه بثلاثة الجدران

حتى غدت أرجاؤه بدعائه... في عزة وحماية وصيان. (٤)

* نقول:

فأين هذا مما يفعل عند الأضرحة من البدع الشركية مما يعجز القلم عن حصره، ويستحي من ذكره

حيث الافتتان بالقبور وتحبيس الأموال عليها وطلب الدعاء منها والاستغاثة بها عند الضراء، وتقديم النذور لهم. (٥)


(١) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (٥/ ١٤)
(٢) سبق تخريجه.
(٣) قاعدة عظيمة في الفرق بين عبادات أهل الإسلام والإيمان وعبادات أهل الشرك والنفاق (ص/١٠٣)
(٤) التمهيد لشرح كتاب التوحيد (ص/٢٦١)
(٥) ويُذكر أن رجلاً نذر خروفاً للبدوي إن نجح ابنه في الثانوية -والنذر لغير الله شرك- فشاء الله أن يمرض ويموت الخروف، فإذا بالرجل يقول: يا بدوي لم استعجلت عليه؟!! كنت سآتيك به بعد أيام!!!
فأثبت له أنه يحيي ويميت من دون الله عز وجل.
وكذلك هذه قصة أخرى تدل على جهل هؤلاء الذين يطوفون بالقبور:
يُذكر أن رجلين جاءا بجحش ودفناه، وأعدا له مقاماً ليطوف الناس به، وفعلاً عندما كان الناس يأتون إلى المسجد يطوفون بالقبر، وتقول: مقام سيدي جحش! فاختلف الرجلان على صندوق النذور -لأنه يجلب الكثير- فقال أحدهما للآخر: ما تنساش إن إحنا دافنينه سوا! وانظر التعليق على العدة شرح العمدة لأسامة سليمان (١٢/ ٧)
وكم من هذه الأضرحة التى هي في الحقيقة أضرحة مكذوبة، كما هو الحال في ضريح الحسين عليه السلام.
* كذلك فقد كشفت قناة العاصمة المصرية عن سر عمره ٤٠ عاماً؛ وذلك أن شجارا وقع بين عائلتين بمحافظة السويس حول أحقية رعاية مقام "سيدي أبوسريع" واقتسام النذور التي تصل إلى نحو مليون جنيه سنوياً.
فبعد أن اعتاد مواطنون من أبناء السويس وخارجها على زيارة المقام، مقدمين له النذور ومتبركين به، تبين حين حاولت العائلتان نقل رفاته، وبعد هذه الأعوام، أن ما دُفن داخل المقام هو رأس عجل، ولا يوجد أي أثر للمدعو.

<<  <  ج: ص:  >  >>