للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قال أبو الحسن الأشعري:

ومما يدل على رؤية الله تعالى بالأبصار؛ أنه ليس موجود إلا وجائز أن يريناه الله عز وجل، وإنما لا يجوز أن يرى المعدوم، فلما كان الله -عز وجل- موجوداً مثبتاً، كان غير مستحيل أن يرينا نفسه عز وجل. (١)

٢) الثانى: دليل الكمال:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

وله الكمال التام في جميع الأمور الوجودية المحضة، فإنها هي الصفات التي بها يكون كمال الوجود، وحينئذ فيكون الله- وله المثل الأعلى- أحقّ بأن تجوز رؤيته لكمال وجوده، ولكن لم نره في الدنيا لعجزنا عن ذلك وضعفنا، كما لانستطيع التحديق في شعاع

الشمس. (٢)

* وإنما كان الدليل الثانى هو الأقوى دلالة والأوقع في الحجية العقلية من الأول لأنه ليس كل موجود جائزاً أن يُري؛ فهناك موجودات لا نستطيع رؤيتها، لذا قلنا إن الله -تعالى- إنما أمكننا من رؤيته لكمال ذاته تعالى. (٣)

... المخالفون لأهل السنة في باب الرؤية:

هم أهل البدع الذين أبوا إلا أن يخالفوا نهج أهل السنة في هذا الباب، حيث عمدوا إلى إنكار رؤية الله -تعالى- في الأخرة، بل وجعلوا المثبتين لها قوم مشبهة، وزعموا أن الأثار التي تمسك بها من قال بالنظر إلى وجه الله -تعالى -توجب التشبيه؛ لأن النظر عبارة عن تقليب الحدقة إلى جهة المرئي، وذلك يقتضي كون المرئي في الجهة. (٤)


(١) الإبانة عن أصول الديانة (ص/٣٣)
(٢) بيان تلبيس الجهمية (٢/ ٤٣١)
(٣) المنحة الربانية في أدلة الصفات الإلهية (ص/٧١٧)
(٤) قال الزمخشري: وزعمت المشبِّهة - يقصد بهم أهل السنة- أن الزيادة هي النظر إلى وجه الله تعالى، وجاءت بحديث مرقوع- أى مفترى - «إذا دخل أهل الجنة الجنة نودوا أن يا أهل الجنة فيكشف الحجاب فينظرون إليه....) ا. هـ
وقال كذلك عند تفسيره لقوله تعالى (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ) أي: قد حصل له الفوز المطلق المتناول لكل ما يفاز به، ولا غاية للفوز وراء النجاة من سخط اللَّه والعذاب السرمد، ونيل رضوان اللَّه والنعيم المخلد!
قلت:
أشار به إلى عدم الرؤية؛ لأنَّ رؤيةَ اللَّهِ- تعالى- تُعتبرُ غايةً وراءَ النجاةِ مِن سَخطِ اللَّهِ والنجاةِ من النارِ، وهكذا يتم دس الاعتزاليات بين السطور.
حيث أنَّ طريقةَ الزمخشريِّ في إثباتِ بدعةِ المعتزلةِ ليست بطريقةِ المتقدِّمين من المعتزلةِ الذين يقولون: هذه الآيةُ تدلُّ على كذا مثلًا. ولكنه يأتي بعبارة ظاهرها السلامة وباطنها مشتمل على ما يُريدُ ذِكره من البِدعِ التي تخْفَى على غيرِ المتخصِّصِ.
قال البلقيني: استخرجت من الكشَّاف اعتزالًا بالمناقيش.
وانظرالكشَّاف عن حقائق غوامض التنزيل (٢/ ٢٤٣) والإتقان في علوم القرآن (ص/٢٤٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>