للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن القيم:

ما أطرد استعماله على وجه واحد استحال تأويله بم يخالف ظاهره؛ لأن التأويل إنما يكون لموضع جاء نادراً خارجاً عن نظائره.

ونظير هذا إطراد النصوص بالنظر إلى الله تعالى، هكذا ترون ربكم، تنظرون إلى ربكم، {إلى ربها ناظرة} [القيامة ٢٣]، ولم يجئ في موضع واحد ترون ثواب ربكم، فيحمل عليه ما خرج عن نظائره. (١)

أما ما نقل عن مجاهد فجوابه ما قاله ابن عبد البر:

قول مجاهد هذا مردود بالسنة الثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم -وأقاويل الصحابة وجمهور السلف، وهو قول عند أهل السنة مهجور، والذي عليه جماعتهم ما ثبت في ذلك عن نبيهم صلى الله عليه وسلم. وليس من العلماء أحد إلا وهو يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم. (٢)

*وما أجمل ما قاله الدارمي في مناقشة المخالفين، حيث قال:

فكيف ألزمتم أنفسكم اتباع المشتبه من آثار مجاهد وحده، وتركتم الصحيح المنصوص من آثار الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه ونظراء مجاهد من التابعين، إلا من ريبة وشذوذ عن الحق، و الذي يريد الشذوذ عن الحق، يتبع الشاذ من قول العلماء، ويتعلق بزلاتهم، والذي يؤم الحق في نفسه يتبع المشهور من قول جماعتهم، وينقلب مع جمهورهم، فهما آيتان بينتان يستدل بهما على اتباع الرجل، وعلى ابتداعه. (٣)

... ومن جملة الشبهات التي استدل بها نفاة الرؤية قالوا:

القول بإثبات الرؤية يلزم منه إثبات الجهة لله، وإثبات الجهة يلزم منه التجسيم، وهذا منتفٍ في حق الله. (٤)


(١) الصواعق المرسلة (١/ ٦٣)
(٢) التمهيد (٧/ ١٥٧)
(٣) الرد على الجهمية (ص/١٢٤)
(٤) فقد نص القاضي عبد الجبار في كتابه "تنزيه القرآن عن المطاعن" (ص/٤٤٧) على أن الرؤية هي تقليب العين نحو الشيء طلباً لرؤيته، وذلك لا يصح إلا في الأجسام، أي أنه لا يُرى إلا ما كان جسماً!!
ومن هذا الباب حكم المعتزلة بكفر من أثبت الرؤية، كما نقل ذلك عنهم ابن الجوزى وابن عبدالبر وأبو الحسن الأشعري.
قال ابن عبدالبر: وأهل البدع المخالفون لنا في هذا التأويل يقولون إن من جوَّز مثل هذا -أى رؤية الله - وأمكن عنده فقد كفر. التمهيد (٧/ ١٥٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>