للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب أن يقال:

النظر له استعمالات متعددة، فمنها:

١) أن يتعدى بنفسه، ومعناه: التوقف والانتظار، كقوله {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} (الحديد: ١٣)

والمقصود: انتظرونا وأمهلونا لننال من نوركم ما نمشي به، لننجو من العذاب، وهذا يقوله المنافقون للمؤمنين يوم القيامة.

٢) أن يتعدي بـ (في) كان معناه: التفكر والاعتبار، كقوله: {أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [الأعراف: ١٨٥]، يعني: يعتبروا ويتفكروا.

٣) أن يتعدى بـ (إلى) فمعناه: نظر العين، كقوله تعالى: {انظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ} [الأنعام: ٩٩]، انظروا يعني: بالعين. فهذا النظر بمعنى الإبصار

فلا يجوز أن يكون الله -عز وجل- عنى نظر التفكير والاعتبار؛ لأن الآخرة ليست بدار اعتبار.

ولا يجوز أن يكون عنى نظر الانتظار؛ لأن النظر إذا ذكر مع ذكر الوجه فمعناه نظر العينين اللتين في الوجه، فإذا ذكر النظر مع الوجه لم يكن معناه نظر الانتظار؛، وأيضا فإن نظر الانتظار لا يكون في الجنة؛ لأن الانتظار معه تنغيص وتكدير، وأهل الجنة فيما لا عين رأت ولا أذن سمعت من العيش السليم والنعيم المقيم.

وإذا فسدت الأقسام لم يبق إلا أن يكون المقصود بالأية أنه نظر رؤية العين.

*كما أن تفسير الأية بأنه انتظار للثواب مخالف لظاهر النص:

*قال ابن حزم:

وقال بعضهم {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} معناه إلى ثواب ربها ناظرة أي منتظرة،

وهذا فاسد جداً؛ لأنه لا يقال في اللغة نظرت إلى فلان بمعنى انتظرته، وحمل الكلام على ظاهره الذي وضع له في اللغة فرض لا يجوز تعديه إلا بنص أو إجماع؛ لأن من فعل غير ذلك أفسد الحقائق كلها والشرائع كلها والمعقول كله. (١)


(١) الفصل في الملل والأهواء والنحل (٣/ ٣) وانظرالاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد (ص/١٢٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>