للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لن للتأبيد: كقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا)، وقوله تعالى (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٣) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا....)

وإنما الذي يحدد أصح الاستعمالين إنما هو السياق مع القرائن الأخري، فالشرع إنما يؤخذ من مجموعه، وقد دلت الأدلة الأخرى بتواترها وتواردها على المراد بـ " لن " في قوله تعالى (لن تراني) هو نفي التأقيت لا التأبيد، فتأمل.

... وقد رد أهل السنة على المخالفين المستدلين بهذه الأية على نفي الرؤية من وجوه عديدة تزيد عن تسعة أوجه مبثوثة في كتب أهل السنة، قد تركت ذكرها خشية الإطالة. (١)

مما يُبين أنها دليل أظهر لمن يثبت الرؤية وليس لمن ينفيها.

وصدق ابن القيم -رحمه الله-حين ذكر في مَعرِض كلامه عن إنكار المعتزلة للرؤية يقول:

وبدعتهم الخبيثة حالت بينهم وبين فهم كلام الله كما ينبغي، وهكذا كل صاحب بدعة تجده محجوباً عن فهم القرآن. (٢)

** ومن شبهات النفاة:

قالت المعتزلة: قوله تعالي} وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣) {إنما هو نظر الانتظار، لا نظر الرؤية!!

وقالوا: إنما هو نظر إلي ثواب ربها أي: إلي ثواب ربها ناظرة!! (٣)، واستدلوا بأن هذا هو تفسير مجاهد للآية. (٤)


(١) ومن أراد الوقوف عليها فليراجع: حادي الأرواح (ص/٢٨٧) وشرح العقيدة الطحاوية (ص/٢١٣) والانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (٢/ ٦٤٢)
(٢) المصدر السابق (ص/٩٦)
(٣) نص على ذلك القاضي عبد الجبار في"تنزيه القرآن عن المطاعن" (ص/٤٤٧)، وذكره أبو القاسم البلخي عن الجبَّائي في "كتاب المقالات" (ص/١١١) وانظر شرح الأصول الخمسة (ص/٢٤٥)
(٤) حيث فسر مجاهد الأية بقوله "تنتظر الثواب من ربها"، وذكره عنه الطبري في جامع البيان (٢٤/ ٧٢)، والقرطبي في تفسيره، وقال القرطبي: لم يُنقل ذلك إلا عن مجاهد. وقد تلقف القاضي عبد الجبار قول مجاهد فطار به، وقال:
"إذا صح ذلك فالصحيح عندنا أنه النظر إلى ثوابه... ".
وانظر الجامع لأحكام القرآن (١٩/ ١٠٨) والمغني في أبواب التوحيد والعدل (٤/ ٢١٢) و"مجاهد المفسِّروالتفسير" (ص/٥٣٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>