للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال رحمه الله:

لم ينطق كتاب ولا سنة ولا أثر من السلف بلفظ الجسم في حق الله تعالى، لا نفياً ولا إثباتاً، فليس لأحد أن يبتدع اسماً مجملاً يحتمل معاني مختلفة لم ينطق به الشرع ويعلّق به دين المسلمين. (١)

** أما قولكم أن إثبات الرؤية يلزم منه إثبات الجهة الله تعالي!!!

فإن كان وصف الجهة في حق الله -تعالى- على المعنى اللائق الذي سبق أن فَصَّلنَاه فنحن نقول بإثبات الرؤية على هذا المعنى.

وما زال السلف يثبتون أحاديث الرؤية، ولا يقولون كيف، فحرام على العقول أن تكيّف أو تمثل.

قال الذهبي:

المبالغة في إثبات الصفات وتصورها من جنس صفات البشر، وتشكلها في الذهن، جهل وضلال، وإنما الصفة تابعة للموصوف، فإذا كان الموصوف -عز وجل- لم نره، ولا أخبرنا أحد أنه عاينه، فكيف بقي لأذهاننا مجال في إثبات كيفية البارئ تعالى الله عن ذلك، فكذلك صفاته المقدسة نقر بها، ونعتقد أنها حق ولا نمثلها أصلا ولا نتشكلها. (٢)

*ومن شبهاتهم في نفي الرؤية:

قالوا:

الرؤية التي ذكرت في الأحاديث إنما يُقصد بها العلم، ونظير ذلك قوله تعالى:

{ألم تر كيف فعل ربك بعاد {(الفجر: ٦) أي: ألم تعلم. (٣)


(١) المصدر السابق (١٧/ ٣١٨)
(٢) سير أعلام النبلاء (٩/ ٢٧)
وكلام الإمام الذهبي -رحمه الله-وإن كان يقصد به المشبَّهة، فإن الجهمية المعطلة ما عطّلوا الصفات إلا لما اعتقدوا نوع مشابهة بين الخالق والمخلوق، ففروا من التشبيه إلي التعطيل، فكانوا كما قيل.... كالمستجير من النار بالرمضاء.
(٣) فمذهب المعتزلة نفي رؤية الله -عز وجل- بالأبصار، وتأويل الرؤية في قوله صلى الله عليه وسلم: "سترون ربكم" بالعلم، يقول القاضي عبد الجبار في ذلك: "ثم نتناوله - أي حديث سترون ربكم - نحن على وجه يوافق دلالة العقل فنقول: المراد به سترون ربكم= =يوم القيامة أي ستعلمون ربكم يوم القيامة كما تعلمون القمر ليلة البدر" انظر: "شرح الأصول الخمسة (ص/ ٢٣٢، ٢٧٠) المقالات (١/ ٢٨٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>