للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحقَّ تَعرفْ أهله" (١). وهذا المعنى مستنبَط من كلام الله تعالى: قال الله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٦ - ٧]

قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}، ولم يقل: "اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم لأنه لو قال: "اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم" لَكان هذا يقتضي أن يُعرف الحق بالرجال، والقاعدة الشرعية: أن الرجال يُعرفون بالحق، وأن الحق لا يُعرف بالرجال، فلما قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} صار الصراط غير مضاف إلى أحد، وإنما هو الصراط المستقيم المَرضيّ عند الله (٢).

وقال بعض العلماء: "من عرف الحق بالرجال حار في متاهات الضلال".

قال الشاطبي:

"ولقد زَلَّ -بسبب الإعراض عن الدليل، والاعتماد على الرجال- أقوامٌ خرجوا بسبب ذلك عن جادّة الصحابة والتابعين، واتبعوا أهواءهم بغير علم؛ فضلّوا عن سَواءِ السبيل".

ولْنذكُرْ عشرة أمثلة: أحَدها، وهو أشدُّها- قول من جعل اتباع الآباء في أصل الدين هوالمرجوع إليه دون غيره، حتى ردوا بذلك براهينَ الرسالة وحجةَ القرآن ودليلَ العقل، فقالوا:


(١) قال الشيخ العلّامة عبيد بن عبد الله الجابري
في [أصول وقواعد في المنهج السلف] ما نصُّه: "القاعدة الثانية- يُعرف الرجالُ بالحق، ولا يُعرف الحق بالرجال: ومعنى هذه القاعدة: أنَّ الإنسان يُوصف بالتمسك، وأنه من أهل السنة، وأنه على الحق الذي لم تَشُبْهُ شائبة البدعة والخُرافة إذا كان على الحق. العلامة الدالة عليه: ما انتهجه من حقّ في أقواله وأعماله؛ وهذا هوالشَّطر الأول. ولا يُعرف الحق بالرجال، والمعنى أنه ليس مجرد سلوك الرجل بقولٍ أو فعلٍ هو دلالة على أنه مُصيب، بل -كما قدَّمتُ لكم- الحُكمُ على الأقوال والأعمال عند السَّلفيّينَ، عند أهل السنة والجماعة، عند الطائفة المنصورة، عند أهل الحديث، عند الفرقة الناجية: ميزانان فقط: النص، والإجماع. (٤٤/ ١١)
(٢) دروس صوتية للشيخ محمد الحسن الددو الشَّنْقِيطيّ (٤٤/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>