للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{... إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ...} [الزخرف: ٢٢] (١).

*والمراد مما سبق: أن تقديم أهل السنة والجماعة على غيرهم، وجعْلهم هم الفرقةَ الناجية ليس مصدره الهوى أو العصبية للرجال، وإنما بُني هذا على مقدمات قامت على العدل والإنصاف؛ فإنّ أخصَّ ما ميَّزَ أهل السنة والجماعة عن غيرهم مِن فرق الأمة أمران: (تعظيم الأثر، والثبات على المنهج).

١) فأما الأمر الأول فنقول:

تعظيم الأثر هذا أحد أهمّ الدلائل على صحة الادعاء أن أهل السنة والجماعة هم الفرقة الناجية.

قال أبوالقاسم، الملقب بقِوام السنة:

"فإن قيل: كل فرقة تنتحلُ اتّباع السنة، وتَنسُبُ مخالفيها إلى خلاف الحق، فما الدليل على أنكم أهلُها دُونَ مَن خالفَكم؟ قلنا: الدليل على ذلك:

قول الله تعالى: {... وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا...} [الحشر: ٧]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسنتي، ومَن رَغِبَ عن سنتي فليس مني»؛ وعرفْنا سنته بالآثار المروية بالأسانيد الصحيحة، وهذه الفرقة الذين هم أصحاب الحديث: لها أَطْلَبُ، وفيها أَرْغَبُ، ولِصحاحها أَتْبَعُ؛ فعلِمنا بالكتاب والسنة أنهم أهلها دون سائر الفرَق" (٢).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

إن أحق الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية أهل الحديث والسنة؛ الذين ليس لهم متبوع يتعصبون له إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله، الذين يردون المقالات المجملة إلى ما جاء به من الكتاب والحكمة؛ فلا ينصبون مقالة ويجعلونها من أصول دينهم وجمل كلامهم إن لم تكن ثابتة فيما جاء به الرسول، بل يجعلون ما بعث به الرسول من الكتاب والحكمة هو


(١) الاعتصام (٢/ ٨٦٣).
(٢) [الحُجّة في بيان المَحَجّة، وشرح عقيدة أهل السنة] (٢/ ٤١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>