للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه. (١)

فاعتصام أهل السنة والجماعة بالآثار أمر بيّنٌ واضحٌ وُضوحَ الشمس في رائعة النهار، وليس أدلّ على صحة هذا الأمر- الذي هو اتباع ظواهر النصوص والعَضّ عليها بالنَّواجِذ - من كونه صار سُبة يُرمى بها أهل السنة والجماعة.

فقد أطلق المبتدعة على أهل السنة اسم " الحشوية "، والمعنى:

أن أهل السنة والجماعة أصحاب حشْو في الكلام، أي: ما عندهم إلا " قال الله، قال الرسول"، ما عندهم قواعد عقلية، ما عندهم مقدمات منطقية.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:

"وهؤلاء يَعيبون مُنازِعَهم: إما لجمعه حشوَ الحديث من غير تمييز بين صحيحه وضعيفه، أو لكون اتّباع الحديث في مسائل الأصول من مذهب الحشْو؛ لأنها مسائل علمية، والحديث لا يفيد ذلك؛ لأن اتباع النصوص مطلقاً في المباحث الأصولية الكلامية حشو؛ لأن النصوص لا تَفي بذلك" (٢).

وإن كانت هذه تُهْمةً فلَنِعْمَ التُّهَمُ، كما يُوثر عن الشافعي -رحمه الله- أنه قال:

إنْ كَانَ رَفْضاً حُبُّ آلِ مُحَمَّدٍ... فَلْيَشْهَدِ الثَّقَلَانِ أَنِّي رافِضِي (٣).

قال أبوالمظفَّر السمعاني:

والذي يَزيد ما قلناه إيضاحاً: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حِينَ سُئل عن الفرقة الناجية قال: «ما أنا عليه وأصحابي»، بمعنى: من كان على ما أنا عليه


(١) مجموع الفتاوى (٣/ ٣٤٧)
(٢) مجموع الفتاوَى (٤/ ٨٨ (قال الجرجاني: الحشو: هو في اللغة ما تملأ به الوسادة، وفي الاصطلاح: عبارة عن الزائد الذي لا طائل تحته. (التعريفات (ص/٨٥))
مناقب الشافعي (٢/ ٧١). وقول الشافعي هذا نَظيرُ قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} [الزخرف: ٨١].
(٣) وسنده صحيح. الشريعة للآجُرّيّ (١/ ٣١٦ (.

<<  <  ج: ص:  >  >>