للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصحابي؛ فلا بد من تعرُّف ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابُه، وليس طريق معرفته إلا النقل؛ فيجب الرجوع إلى ذلك" (١).

أما المخالفون لأهل السنة والجماعة فقد تنكَّبوا الصراط، وخالفوا سبيل الرشاد؛ وذلك حينما جعلوا الدليل سَوْأة يجب سَتْرها بلباس العقل، وتَحْتَ هذا الانحراف خاضوا في التعطيل والتحريف والتشبيه والتكييف.

قال ابن أبي العز:

"وكم جنى التأويل الفاسد على الدين وأهله مِن جناية! فهل قُتل عُثمانُ رضي الله عنه إلا بالتأويل الفاسد؟! وكذا ما جرى في يوم الجَمَل وصِفِّين، ومَقْتَل الحُسين رضي الله عنه، والحَرّة، وهل خرجت الخوارج واعتزلت المعتزِلة ورفضت الروافض وافترقت الأمة على ثلاث وسبعين فرقةً إلا بالتأويل الفاسد؟!. (٢)

وقال رحمه الله: "وكل من قال برأيه وذوقه وسياسته مع وجود النص، أوعارَضَ النص بالمعقول؛ فقد ضاهى إبليسَ؛ حيث لم يسلم لأمر ربه، بل قال: {أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ} [الأعراف: ١٢]. (٣)

فلما كانت مناهجهم مستقاة من العقول والأهواء، وليس من النص الثابت المحكَم؛ وقعَ لهم ما وقع من التضارُب والتخبُّط؛ وهذا جزاء مَن تركَ الكتاب والسنة وأقبلَ على علوم الكلام التي لا ترفع مِن جهلٍ ولا تُغني من جوع!

*ولْنذكرْ لكم مثلاً على نظرة هؤلاء البؤساء إلى أدلة الشرع، ومكانتها عندهم:

فقد ذكر الإمام الذهبي في ترجمة الشهرستانيّ محمد بن عبد الكريم بن أحمد:

أنه كان يبالغ في نصرة مذاهب الفلاسفة والذَّبِّ عنهم، فلم يكن يذكر في مجالسه: "قال الله" ولا "قال رسوله"، فسأله يوماً سائل، فقال:

سائر العلماء يذكرون في مجالسهم المسائل الشرعية، ويجيبون عنها بقول أبي حنيفة والشافعي، وأنت لا تفعل ذلك؟!


(١) الانتصار لأصحاب الحديث (١/ ٤٢).
(٢) شرح العقيدة الطحاوية (١/ ٢٠٨).
(٣) المصدر السابق (١/ ٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>