للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: مَثلي ومَثلكم كمَثل بني إسرائيل يأتيهم المَنُّ والسَّلْوى، فسألوا الثُّوم والبصل!! " (١).

٢) وأما الأمر الثاني "الثبات على المنهج":

فمن سمات أهل السنة والجماعة الثبات على المنهج، وهذه مما حَظِيَ به أهل السنة والجماعة دون غيرهم من الفرق، فتقرأ كثيراً عن الاختلاف البيِّن الواسع والتخبُّط الظاهر الشاسع بين المتقدمينَ والمتأخرينَ في كل فرقة من الفرق الضالة، وتسمع كثيراً قول القائل: متأخِّرو القدرية، ومتقدِّمو الأشاعرة... إلخ؛ وما ذلك إلا مصداق لقوله تعالى:

{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} [النساء: ٨٢]. ومِثل هذا لا تراه -بفضل الله- عند أهل السنة والجماعة.

وكم من إمام من الأئمة الكبار في تلك الفرَق رأيناه يُظهر الندامة على عُمره الذي أضاعه في القِيلِ والقالِ والطريق السقيم الضالّ؛ لِيُعلنَ العودة إلى سواء السبيل وشِفاء العَليل، إلى آثار النبوة والتنزيل!

يقول أحد رؤسائهم (٢):

لَعمري لقد طُفتُ المَعاهِدَ كلَّها... وسيّرتُ طرفي بينَ تلكَ المعالمِ

فلم أَرَ إلا واضعاً كفَّ حائرٍ... على ذِقنٍ أو قارعاً سِنَّ نادمِ

ويقول آخرُ (٣):

نهايةُ إقدامِ العُقولِ عقالُ... وأكثرُ سَعْيِ العالَمينَ ضلالُ


(١) سِير أعلام النُّبلاء (٢٠/ ٢٨٨).
(٢) هو أبو عبد الله محمد بن عبد الكريم الشهرستانيّ، المتوفى سنة ثمانٍ وأربعين وخَمسمئة هجرية (٥٤٨). ذكرَهما في أول كتابه [نهاية الأقدام في علم الكلام] (ص ٣)، ونسبَهما إليه ابن أبي العز في [شرح العقيدة الطحاوية] (ص ٢٢٨)، وانظر [لوامع الأنوار] (١/ ١١٠).
(٣) هو فَخْر الدين محمد بن عمر الرازيّ (ت ٦٠٦ هـ)، ذكرَها في كتابه [أقسام اللذّات].
انظر: دَرْء تعارُض العقل والنقل (١/ ١٥٩ - ١٦٠)، وشرح العقيدة الطحاوية (ص/ ٢٢٧) وطبقات الشافعية للسُّبْكيّ (٨/ ٩٦)، ولَوامع الأنوار (١/ ١١٠ (.

<<  <  ج: ص:  >  >>