للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودليل هذه القاعدة هو التتبع والاستقراء للأدلة الشرعية.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

الشرك " شركان ": شرك في التوحيد ينقل عن الملة، وشرك في العمل لا ينقل عن الملة وهو الرياء، وقال النبي صلى الله عليه وسلم {الطيرة شرك}. (١)

-يؤيده: أن النبي -صلى الله عليه وسلم - قدجعل للطيرة كفَّارة، والشرك الأكبر ليس له كفَّارة، لأن الشرك الأكبر تجب فية التوبة والنطق بكلمة التوحيد، ودليل الكفَّارة في الطيرة؛ ما رواه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو -رضى الله عنهما-قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ مِنْ حَاجَةٍ، فَقَدْ أَشْرَكَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ مَا كَفَّارَةُ ذَلِكَ؟،

قَالَ: أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ: "اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ، وَلَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ ". (٢)

-يؤيده:

أن الذى يتطير بشيء ما فإنه -في الأغلب- لا يعتقد فيه ضراً ولا نفعاً، وإنما يعتقد أنه سبب في ذلك، وهذا الاعتقاد شرك أصغر، لأن كل من اتخذ سبباً لم يشرِّعه الله -تعالى- سبباً فقد وقع في الشرك الأصغر.

لكن قد يصل التطير إلى الشرك الأكبر، وذلك إن اعتقد المرء أن الشيء الذي يتطير به بذاته يجلب له ضراً أويمنع عنه نفعاً، ومن اعتقد أن شيئاً سوى الله -تعالى- ينفع أو يضر بالاستقلال، فقد أشرك شركاً جلياً.

قال العظيم آبادي:

وإنما كانت الطيرة شركاً لاعتقادهم أن الطيرة تجلب لهم نفعاً أو تدفع عنهم ضراً، فمن اعتقد أن شيئاً سوى الله -تعالى- ينفع أو يضر بالاستقلال فقد أشرك شركاً جلياً. (٣)

* ومن صور التشاؤم المعاصرة:

١ - من يتشاءم برقم معين أو شخص معين أو ساعة معينة، كالجهال الذين


(١) مجموع الفتاوى (٧/ ٣٢٩)
(٢) أخرجه أحمد (٧٠٤٥) وصححه الألبانى في صحيح الجامع (٦٢٦٤)
قوله صلى الله عليه وسلم: (لا طير إلا طيرك): أى أن كل ما يحدث للإنسان من الحوادث المكروهة؛ فإنها واقعة بقدر الله وجل، كما قال تعالى (أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهِ) (الأعراف/ ١٣١)
(٣) عون المعبود (١٠/ ٢٨٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>