للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣) الثالث: أن يمضي في أمره بلا تردد:

عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ -رضى الله عنه- قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ كُنَّا نَتَطَيَّرُ فى الجاهلية. قَالَ: "ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُهُ أَحَدُكُمْ فِي نَفْسِهِ، فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ ". (١)

والطيرة الشركية هي الانقباض القلبي الذي يستتبع عملاً بموجبه من إمضاء أو رد؛ ولهذا علَّق النهي بالعمل بموجب الطيرة، فقال: " فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ "، أما مجرد الانقباض القلبي فهو انفعال لا يتعلق به التكليف، ولا يكاد يسلم منه أحد، لذا قال ابن مسعود رضي الله عنه:

" وَمَا مِنَّا إِلَّا، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ".

يقول ابن الأثير: في هذا الكلام محذوف تقديره " وما منا إلا ويعتريه التطير، ويسبق إلى قلبه الكراهة له "، فحذف ذلك اختصاراً، واعتماداً على فهم السامع ". (٢)

قال ابن القيم:

فأخبر أن تأذيه وتشاؤمه بالتطير إنما هو في نفسه وعقيدته، لا في المتطير به، فوهمه وخوفه وإشراكه هو الذي يطيره ويصده لا ما رآه وسمعه. (٣)

* عودٌ إلى حديث الباب: وَ عَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ.....

وهي الصفة الرابعة من صفات هؤلاء السابقين إلى الجنة بلا حساب ولا سابقة عذاب، وهي التوكل على الله عز وجل، فما هو التوكل؟؟

التوكل: هو صدق اعتماد القلب على الله -عز جل- في استجلاب المنافع ودفع المضار، من أمور الدنيا والآخرة مع الأخذ بالأسباب.


(١) أخرجه مسلم (١٢١) وأبوداود (٣٩٠٩)
(٢) جامع الأصول (٧/ ٦٣٠)
(٣) مفتاح دار السعادة (٢/ ٢٣٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>