للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأجاب:

هذا رجل جهل العلم، أما سمع قول النبي صلى الله عليه وسلم: (وجُعل رزقي تحت ظل رمحي)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (تغدو خماصاً وتروح بطاناً). (١)

قال الغزالي:

قد يظن الجهَّال أن شرط التوكل ترك الكسب وتركُ التداوي والاستسلامُ للمهلكات، وذلك خطأ؛ لأنَّ ذلك حرام في الشرع، والشرع قد أثنى على التوكل، وندب إِليه، فكيف يُنال ذلك بمحظوره؟! (٢)

*قال ابن القيم:

من أنكر الأسباب لم يستقم منه التوكل، ولكن من تمام التوكل عدم الركون إلى الأسباب وقطع علاقة القلب بها، فيكون حال قلبه قيامه بالله، وحال بدنه قيامه بالأسباب. (٣)

* ولقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم -أعظم المتوكلين، ومع ذلك كان -صلى الله عليه وسلم -يأخذ بالأسباب، ومن ذلك:

١ - لما خرج النبي -صلى الله عليه وسلم-إلى غزوة أحد ظاهر بين درعين. (٤)

٢ - لما خرج النبي-صلى الله عليه وسلم- مهاجراً إلى المدينة استأجر دليلاً يدله على الطريق، واختبأ في الغار.

٣ - عَنْ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَحْبِسُ لِأَهْلِهِ قُوتَ سَنَتِهِمْ. (٥)


(١) الآداب الشرعية والمنح المرعية (٣/ ١٦٨)
وفي رواية قال المروذي: قلت لأحمد: هؤلاء المتوكلة يقولون نقعد وأرزاقنا على الله عز وجل؟!!
فقال: ذا قول خبيث، قال تعالى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} (الجمعة/ ٩) فإيش هذا إلا البيع والشراء.
وانظر "الحث على التجارة والصناعة والعمل والإنكار على من يدعي التوكل في ترك العمل والحجة عليهم في ذلك (ص/٢٦)
(٢) الأربعين في أصول الدين (ص/٤٢١)
(٣) مدارج السالكين (٢/ ١٢٠)
(٤) أخرجه أحمد (١٥٧٢٢) والحاكم في المستدرك (٤٣١٢) وصححه الحاكم والذهبي، قال شعيب الأرنؤوط: صحيح على شرط الشيخين.
قال السندي: قوله: "ظاهر بين درعين" أي أوقع الظهار بينهما، بأن جعل أحدهما ظِهاراً للأخرى، والظهار بمعنى المعاونة، والمراد أنه لبسهما، وفيه أن التوكل لا يقتضي ترك مراعاة الأسباب.
(٥) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>