للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو الذي أشاع مذهبهم المخذول.

ثم نقله عن الجهم بشر بن غيَّاث المريسي، شيخ المعتزلة وأحد من أضل المأمون وجدَّد القول بخلق القرآن.

ثم تقلَّد عن بشر المريسي ذلك المذهب قاضي المحنة أحمد بن أبي دؤاد. (١)

وقد كان ابن أبي دؤاد مقرَّباً عند الخليفة المأمون فلبَّس عليه بمقالة خلق القرآن، حتى حملها عليها واستماله إليها. ثم صار قاضياً عند المعتصم والواثق واشتدت المحنة على علماء الأمة بسبب مقالته تلك.

وكان بسبب ذلك من اضطهاد لعلماء السنة من الحبس والضرب والقتل، فمن العلماء من أجابهم إلى ذلك، ورأى أن هذا موضع إكراه، ومنهم من عرَّض بالقول؛ ليأمن شرهم. (٢)

ومنهم من ثبت على قول الحق، قول أهل السنة والجماعة، ورأي أن هذا موطن جهاد لا يسوغ النكوص ولا الاستسلام.


(١) وتأمل في خواتيم أهل البدع كيف تكون؛ أما الجعد بن درهم فقتله أمير الكوفة خالد بن عبد الله القسري، قتله يوم عيد الأضحى، وذلك أن خالداً خطب الناس فقال:
أيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم؛ فإني مضحٍ بالجعد بن درهم؛ فإنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً ولم يكلم موسي تكليماً، ثم نزل وذبحه. وقد نص الذهبي وابن حجر على شهرة هذه القصة.
وانظر مختصر العلو (ص/١٣٣) وخلق أفعال العباد (ص/٨)
وأما الجهم بن صفوان فقد قتله سلم بن أحوز نائب أصبهان. ذكر ذلك الذهبي في تاريخ الإسلام (٣/ ٣٨٩)
وأما أحمد بن أبي دؤاد فقد ابتلي بالفالج قبل موته بأربع سنين حتى أهلكه الله -تعالى- سنة أربعين ومائتين.
(٢) وكان ممن أجابهم إلي القول بذلك، الإمام علي بن المديني رحمه الله، فقد كان يقول عن هؤلاء المنتحلين لهذه المقالة: هم كفار ضلال، وكان يكفِّر من يقول بخلق القرآن، بل ويعيد الجُمع إذا صلاَّها خلف المأمون، ولكنه -رحمه الله - كما قال عنه ابن معين: رجل خاف فقال. =
=وقال هوعن نفسه: " خفتُ أن أقتل، وأعلم ضعفي، أني لو ضربت سوطاً لمت، وقال: قوِي أحمد على السياط، ولم أقدر. سير أعلام النبلاء (٩/ ١١٤) وتهذيب التهذيب (٤/ ٢١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>