للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باتفاق أئمة الإسلام. (١)

فإن قلتم: ظاهر الأحاديث هو مجيء البقرة وآل عمران، فلما تؤلون المجيء بأنه مجيء الثواب؟؟

فجوابه:

العجيب في أمركم أنكم -أي المعتزلة القائلون بخلق القرآن- قد أقررتم تأويلكم بأن مجيء الله -عز وجل- هو مجيء أمره، رغم أنه تأويل بلا قرينة، ثم تنكرون تأويل مجيء البقرة وآل عمران بأنه مجيء الثواب، وهو تأويل صحيح قد دلت القرائن من الكتاب والسنة والإجماع. (٢)

٦ - الشبهة السادسة:

قولهم: قال تعالي: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ).

وصف القرآن بأنه منزل يدل على أنه مخلوق، كما في قوله عن إنزال المطر والحديد والأنعام!!

جوابه:

أما الآيات التي ذكرت إنزال القرآن فهو إنزال مقيد؛ حيث ذكرت أنه إنزال من الله -عز وجل -كما في قوله تعالي: (تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) وقوله تعالى (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ)

وهذا بخلاف الإنزال المطلق كما في قوله: (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ)

ونزيد على ذلك:

أن المنزل إما أن يكون عيناً قائمة بنفسها، وعندها يكون مخلوقاً، لأنه بائن من الله عز وجل.

وإما أن يكون وصفاً لا يقوم إلا بغيره، وحينئذ يجب أن يكون من صفات الله،


(١) انظر المصدر السابق (٥/ ٣٩٩)
(٢) وعلى هذا فمثل تفسير المعتزلة لأحاديث الصفات إنما هو من التأويل الباطل، وذلك لأنهم صرفوا الألفاظ عن ظاهرها بلا قرينة، أما فعل السلف فهو التأويل الصحيح لأنهم يصرفون اللفظ عن ظاهره بالقرائن، لذا فلقد كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله دقيقاً في قوله:
نؤمن بكل ما وصف الله به نفسه ووصفه به رسوله -صلى الله عليه وسلم - من غير تعطيل ولا تحريف ولا تكييف ولا تمثيل.
ولم يقل بلا تأويل؛ وذلك لأن التأويل يكون سائغاً إذا كان بالقرائن المحتفة، أما التأويل بلا قرينة فهو في حقيقته تحريف، وهو طريقة المتكلمين فقد نقل ابن القيم إجماع غير واحد من السلف على بطلانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>