للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - الرابع:

ما ورد من حديث عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ-رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:

قال الله تعالى: " إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، .. "، (١) وفي رواية "حنفاء مسلمين "، وهذا الحديث نص في موضع النزاع.

٥ - الخامس:

عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ-رضي الله عنه- قَالَ:

أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَغَزَوْتُ مَعَهُ فَأَصَبْتُ ظَهْرًا، فَقَتَلَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ حَتَّى قَتَلُوا الْوِلْدَانَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:

" مَا بَالُ أَقْوَامٍ جَاوَزَهُمُ الْقَتْلُ الْيَوْمَ حَتَّى قَتَلُوا الذُّرِّيَّةَ " فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا هُمْ أَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ:

" أَلَا إِنَّ خِيَارَكُمْ أَبْنَاءُ الْمُشْرِكِينَ "، ثُمَّ قالَ:

" أَلَا لَا تَقْتُلُوا ذُرِّيَّةً، أَلَا لَا تَقْتُلُوا ذُرِّيَّةً " قَالَ: " كُلُّ نَسَمَةٍ تُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، حَتَّى يُعْرِبَ عَنْهَا لِسَانُهَا، فَأَبَوَاهَا يُهَوِّدَانِهَا وَيُنَصِّرَانِهَا ". (٢)

لو لم تكن الفطرة هي الإسلام لم يكن فيما ذكره حجة على ما قصده صلى الله عليه وسلم من نهية لهم عن قتل أولاد المشركين.

وكذلك فقوله: " حَتَّى يُعْرِبَ عَنْهَا لِسَانُهَا، .. ":

فجعله على الفطرة إلى أن يعقل ويميز، فحينئذ يثبت له أحد الأمرين، ولو كان كافراً في الباطن بكفر الأبوين، لكان ذلك من حين يولد، قبل أن يعرب عنه لسانه. (٣)

* أقوال العلماء في ذلك:

قال ابن حجر:

وأشهر الأقوال أن المراد بالفطرة الإسلام، وقال ابن عبد البر وهو المعروف عند عامة السلف، وأجمع أهل العلم بالتأويل على أن المراد بقوله تعالى (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) الإسلام، وقد قال أحمد من مات أبواه وهما كافران حكم بإسلامه، واستدل بحديث الباب،

فدل على أنه فسر الفطرة بالإسلام. (٤)


(١) أخرجه مسلم (٢٨٦٥)
(٢) أخرجه أحمد (١٥٥٨٩) وانظر السلسلة الصحيحة (٤٠٢)
(٣): درء تعارض العقل والنقل (٨/ ٤٣٢ - ٤٦٢)
(٤) فتح الباري (٣/ ٣٥٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>