للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد سئل أحمد عن: الفطرة الأولى التي فطر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عليها، هي الدين؟

قال: نعم. (١)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

الصواب أنها فطرة الله -تعالى- التي فطر الناس عليها، وهي فطرة الإسلام، وهي الفطرة التي فطرهم عليها. (٢)

قال ابن القيم:

قراءة قوله تعالى {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} عقب الحديث صريح في أن المراد بها فطرة الإسلام؛ ولأن تشبيه المولود في ولادته عليها بالبهيمة الجمعاء وهي الكاملة الخلق ثم تشبيهه إذا خرج عنها بالبهيمة التي جدعها أهلها فقطعوا أذنها دليل على أن الفطرة هي الفطرة المستقيمة السليمة.

وما يطرأ على المولود من التهويد والتنصير بمنزلة الجدع والتغيير في ولد البهيمة، ولأن الفطرة حيث جاءت مطلقة معرفة باللام لا يراد بها إلا فطرة التوحيد والإسلام. (٣)

*فإن قيل:

لو فسرنا الفطرة على أنها الإسلام يلزم من ذلك أنه لو مات يُصلى عليه، ويُدفن في مقابر المسلمين!!

فنقول: هناك فرق بين أحكام الدنيا وأحكام الآخرة، لأنه لو مات دون البلوغ فأحكامه في الدنيا تابعة لأبويه، فلا يُصلى عليه ولا يُدفن في مقابر المسلمين، ولو قتله مسلم في الجهاد لا دية له... وهكذا.

قال ابن حجر:

وتفسير الفطرة بالإسلام تعقبه بعضهم بأنه كان يلزم أن لا يصح استرقافه ولا يحكم بإسلامه إذا أسلم أحد أبويه والحق أن الحديث سيق لبيان ما هو في نفس الأمر لا لبيان الأحكام

في الدنيا. (٤)

وسيأتى مزيد تفصيل لهذه المسألة عند توجيه حديث النبي- صلى الله عليه وسلم- عن أطفال


(١) أحكام أهل الملل (١/ ٧٨ - ٧٩)
(٢) مجموع الفتاوى (٤/ ٢٤٥)
(٣) انظر تعقيبات ابن القيم على سنن أبي داود (٨/ ٩٥)
(٤) فتح الباري (٣/ ٣٥٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>