التكليف، والقسمان ممتنعان:
أما الأول: فلاستحالة تكليف من لا تمييز له، ولا عقل أصلاً.
وأما الثاني: فممتنع أيضا بالنصوص التي ذكرناها، وأمثالها من أن الله -تعالى - لا يعذِّب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه.
قالوا: وأيضا، فتعذيبهم إما أن يكون لعدم وقوع الإيمان منهم، وإما لوجود الكفر منهم، والقسمان باطلان:
أما الثاني: فظاهر؛ لأن من لا عقل له ولا تمييز لا يعرف الكفر حتى يختاره.
وأما الأول: فلو عُذِّبوا لعدم وجود الإيمان الفعلي منهم لاشتركوا هم وأطفال المسلمين في ذلك، لاشتراكهم في سببه. (١)
*أضف إلى ذلك أن:
الجنة دار فضل والنار دار عدل، فالجنة يُدخلها الله من يشاء من عباده، أما النار فلا يدخلها إلا من أساء وظلم وأشرك وعصى.
ففارق بين النار التى تقول هل من مزيد، فيضع رجله فتقول قط قط، وبين الجنة التى يُنشئ الله -عزوجل - لها خلقًا آخر لم يعملوا خيرًا قط.
فإذا كان الله يُنشئ للجنة خلقاً آخر يدخلهم إياها بلا عمل، فالأطفال الذين ولدوا في الدنيا أولى بها.
فالله -تعالى- وسعت رحمته كل شيء، وقد سبقت رحمته غضبه، ومن فضله أن يُدخل أبناء المشركين الجنة، وإن لم يقدِّموا خيرًا؛ وذلك لبقاءهم على أصل فطرتهم السليمة.
*والراجح -والله أعلم- في هذه المسألة هو القول الرابع لما ذكرنا من أدلة.
.
* ولكن يبقى لنا الرد على المخالف:
أما أصحاب القول أن أطفال المشركين في النار، فقد استدلوا بما يلى:
١ - قوله تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ)
حيث
(١) أحكام أهل الذمة (٢/ ٤٣٥)