للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعملوا في الآية قياس الشبه، كما سبق بيانه.

والجواب هنا أنه لا قياس في مقابلة النصوص التى أفادت أن أطفال المشركين في الجنة.

٢ - وأما حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما سُئل عن أبناء المشركين فقال:

"هم مع آبائهم ".

فالاستدلال بهذا الحديث مما يقال فيه " الدليل أخص من الدعوى "؛ فقوله صلى الله عليه وسلم "هم مع آبائهم ": إنما يخص أحكام الدنيا، ومما يؤيد ذلك:

أ) سياق الحديث:

فقد ورد في حكم خاص، حيث سُئِلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -عَنِ الذَّرَارِيِّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ؟ يُبَيَّتُونَ فَيُصِيبُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ فَقَالَ:

«هُمْ مِنْهُمْ»، والسياق من المقيدات والمرجحات، فتأويل هذا الحديث:

أي لا بأس بقتل أطفال المشركين إذا وقع ذلك وفاقاً لا قصداً؛ لأن أحكام آبائهم جارية عليهم في الميراث وفي النكاح وفي القصاص والديات، وغير ذلك من أحكام الدنيا.

ب) الإجماع الذي نقله ابن بطة وابن عبدالبر على أن تأويل قوله صلى الله عليه وسلم:

"هم مع آبائهم ": إنما ورد في أحكام الجهاد، وذلك إذا ما أصيب أطفال المشركين في التبييت والغارة. (١)

قال ابن القيم: قال شيخنا:

فإذا عرف أن كونهم ولدوا على الفطرة لا ينافي أن يكونوا تبعاً لآبائهم في أحكام الدنيا زالت الشبهة. (٢)

قال حنبل: قال أبو عبد اللَّه: إذا أسلم أبواه ثم مات وهو صغير صُلي عليه ودُفن في مقابر المسلمين، وإن مات وهما مشركان كان تبعًا لهما. (٣)


(١) وانظر الإبانة الكبرى (٤/ ٨٢) والإستذكار (٣/ ١١١) وأحاديث يوهم ظاهرها التعارض (ص/٥٩٩)
(٢) أحكام أهل الذمة (٢/ ٤٠٥)
(٣) أحكام أهل الملل للخلال (١/ ٧٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>