للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو سبحانه وتعالى يعلم القابل منهم للهدى العامل به لو عاش، والقابل منهم للكفر المؤثر له لو عاش، و لكن لا يدل هذا على أنه يجزيهم بمجردعلمه فيهم بلا عمل يعملونه، وإنما يدل على أنه سبحانه وتعالى يعلم منهم ما هم عاملون بتقدير حياتهم. (١)

٥ - وأما ما ورد في توقف ابن عباس -رضي لله عنهما - في حكم أطفال المشركين:

فلا شك أنه قد أحسن من انتهى إلى ما قد علم، ولكن لما ورد النص في بيان الحكم الشرعي لزم القول به واعتقاده.

* ثالثاً: الرد على من قال أنهم يختبرون في عرصات القيامة:

واستدلوا على ذلك ببعض الروايات التى ورد فيها اختبار المولود فى العرصات.

وجوابه:

أن الحديث الذي استدلوا به لم يرد في رواية صحيحة ذكر المولود، فالرواية الصحيحة أن الأربعة الذين ستكون لهم الحجة هم: " الأحمق، والهرِم، والأصم، ورجل مات في الفترة "

، فليس فيهم المولود، وأما الرواية التى ذُكر فيها أن " الهالك صغيراً " ضمن من يُختبرون، فقد رواها الطبراني في المعجم الكبير (ح/١٥٨) والهيثمى في المجمع (٧/ ٢١٦)، وفي سندها عمرو بن واقد، وهو متروك، قد رُمي بالكذب، فلا يحتج به.

وقد وردت من طرق أخرى كلها لا يخلو من مقال، وعليه فهى بجميع طرقها لا تجابه ما ورد في الصحيح من كون أطفال المشركين في الجنة. (٢)


(١) طريق الهجرتين (ص/٤٤٧)
(٢) ومن ذلك: ما يُروي عَنْ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُؤْتَى بِأَرْبَعَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: بِالْمَوْلُودِ، وَبِالْمَعْتُوهِ، وَبِمَنْ مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ، وَالشَّيْخِ الْفَانِي، كُلُّهُمْ يَتَكَلَّمُ بِحُجَّتِهِ.....)
رواه أبو يعلى (٤٢٢٤) والبزار في كشف الأستار (٣/ ٣٤)، في سنده ليث بن أبي سليم: قال الحافظ: " صدوق، اختلط أخيراً، ولم يتميز حديثه فترك. وكذلك في سنده عبد الوارث مولي أنس، قال الترمذي - عن البخاري: عبد الوارث منكر الحديث.
وقال ابن معين: مجهول. وضعَّفه الدارقطني وأحمد وأبوزعة وأبوحاتم الرازيان، وللحديث طريق آخر من رواية أبي هريرة رضي الله عنه، لكن في سنده علي بن زيد، قال عنه ابن الجوزي:
" وهذا الحديث ليس بشيء، فإن علي بن زيد لا يحتج به. قال أحمد ويحيى: ليس بشيء. "
وانظر تهذيب التهذيب (٤/ ٦١٢) وميزان الاعتدال (٢/ ٦٧٨) وكشف المشكل من حديث الصحيحين (٢/ ٣٦٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>