للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحيي، وقد ذكرها مسلم رحمه الله في المتابعات دون الأصول، وطلحة بن يحيي ممن تكلم فيه علماء الجرح والتعديل. (١)

٢ - وعلى فرض صحة هذا الحرف فتأويله يُحمل على النهي عن الجزم في الأمور الغيبية، وذلك من باب سد الذرائع.

فنهاها أن تتسرع وتتكلم في أمر لا تعلمه فتجزم لشخص ما بالجنة. فإنه لا يُجزم لأحد بجنة أو بنار، إلا من شهد له الرسول الله صلى الله عليه وسلم.

٣ - وأما قولهم:

أنه إذا كان المولود يولد على الفطرة، وعليه فلا يُدرى ماذا سيعمل لو بلغ، لذا يُتوقَّف فيه ويوكَل أمره إلى الله.

فالرد عليه:

أن النزاع هنا على حكمهم حال الصغر، لا حال الكبَر، فالتوقف إنما يقال على الحال الثانى دون الأول، وعليه يُحمل قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«اللهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ».

٤ - وكذلك استدلوا بما صح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه- قَالَ:

سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ مَنْ يَمُوتُ مِنْهُمْ صَغِيرًا، فَقَالَ:

«اللهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ». (٢)

فهذا محمول على حالهم بعد البلوغ، وهذا مما قد أختص الله -تعالى- بعلمه، وهذا من باب علم الله فيما لم يكن، لو كان كيف سيكون، فهؤلاء الصغار لو بلغوا فالله - تعالى -أعلم هل سيستمرون على الكفر أم يُختم لهم بخاتمة السعادة؟

قال ابن القيم:

وفى استدلال بقوله: "الله أعلم بما كانوا عاملين"، على ما ذهبت إليه هذه الفرقة نظر؛ فإن النبى -صلى الله عليه وسلم- لم يجب فيهم بالوقف، وإنما وكل علم ما كانوا يعملون لو عاشوا إلى الله سبحانه وتعالى. والمعنى: الله أعلم بما كانوا يعملون لو عاشوا.


(١) قال ابن حجر: وطلحة إنما أنكر عليه حديث عصفور من عصافير الجنة. وقال البخاري منكر الحديث.
وقال أبو داود: ليس به بأس وقال أبو زرعة والنسائي صالح.
وانظر تهذيب التهذيب (٣/ ٢١) والأجوبة المستوعبة بتحقيق عمروعبدالمنعم (ص/١٧٧)
(٢) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>