للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحتج بحديث: " كل مولود يولد على الفطرة... "على أن حكم الأطفال في الدنيا حكم المؤمنين حتى تعرب عنهم ألسنتهم. (١)

٢ - الثاني:

أن منشأ الاشتباه في هذه المسألة اشتباه أحكام الكفر في الدنيا بأحكام الكفر في الآخرة، فإن أولاد الكفار لما كانوا يجري عليهم أحكام الكفر في أمور الدنيا، مثل ثبوت الولاية عليهم لآبائهم، وحضانة آبائهم لهم، وتمكين آبائهم من تعليمهم وتأديبهم، والموارثة بينهم وبين آبائهم، واسترقاقهم إذا كان آبائهم محاربين، وغير ذلك - صار يظن من يظن أنهم كفّار في نفس الأمر، كالذي تكلم بالكفر وعمل به.

وقد يكون في بلاد الكفر من هو مؤمن في الباطن يكتم إيمانه مَن لا يعلم المسلمون حاله إذا قاتلوا الكفار، فيقتلونه ولا يغسل ولا يصلى عليه، ويدفن مع المشركين، وهو في الآخرة من المؤمنين أهل الجنة، كما أن المنافقين تجري عليهم في الدنيا أحكام المسلمين، وهم في الآخرة في الدرك الأسفل من النار، فحكم الدار الآخرة غير أحكام الدار الدنيا. (٢)

*وعليه يقال: "لا تلازم بين أحكام الكفر في الدنيا وأحكام الكفر في الآخرة ".

* ثانياً: الرد على الواقفة:

فالرد أن يقال بأن القاعدة هنا:

١ - من علم حجة على من لم يعلم، فالحكم لهم بالجنة إنما كان لنص، وهو فصل في النزاع. وعليه فلا معنى للتوقف في مسألة حكم فيه الشرع.

٢ - أما إنكاره -صلى الله عليه وسلم- على عائشة -رضى الله عنها- لما قالت:

عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ، فقَالَ: (أَوَ غَيْرَ ذَلِكَ يَا عَائِشَةُ)

* فجوابه من وجهين:

١ - أن لفظة " أَوَ غَيْرَ ذَلِكَ يَا عَائِشَةُ " مما قد استنكرها العلماء على طلحة بن


(١) درء تعارض العقل والنقل (٤/ ٣٩٩)
(٢) المصدر السابق (٨/ ٤٢٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>