للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجري عليهم في الدنيا أحكام المسلمين..

* فجوابه من وجوه:

١ - الأول:

أن هذا نظر في مقابلة أثر، فقد صح عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال عن أبناء المشركين: " هم منهم "، وفي رواية "هم مع آباءهم"، فهذا مع قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنهم مع الجنة، فلا سبيل للجمع بين هذين إلا بحمل قوله:

"هم مع آباءهم" على أحكام الدنيا، أي مع آبائهم فلا يُصلى عليهم، ولا يُدفنوا في مقابر المسلمين، وكذلك في أحكام القود والدية.

وفي هذا إعمال للأدلة الواردة في هذا الباب، وهذا هو أصل مهمات الشرع.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

وكون الصغير يتبع أباه في أحكام الدنيا، هو لضرورة حياته في الدنيا، فإنه لا بد من مربٍّ يربيِّه، وإنما يُربيِّه أبواه، فكان تابعاً لهما ضرورة، ولهذا متى سُبي منفرداً عنهما صار تابعاً لسابيه عند جمهور العلماء، كأبي حنيفة والشافعي وأحمد والأوزاعي وغيرهم، لكونه هو الذي يربيه، وإذا سبي منفرداً عن أحدهما أو معهما، ففيه نزاعٌ للعلماء. (١)

وقد أجاب ابن حزم على من يعارض القول بأن أطفال في الجنة أن لازمه أن نصلي عليهم ونورِّثهم فقال:

فليس تركنا للصلاة عليهم يوجب أنهم ليسوا مؤمنين، فهؤلاء الشهداء وهم أفاضل المؤمنين لا يصلى عليهم، وأما انقطاع المواريث بيننا وبينهم فلا حجة في ذلك على أنهم ليسوا مؤمنين؛ فإن العبد مؤمنٌ فاضل لا يرث ولا يورَّث، وقد يأخذ المسلم مال عبده الكافر إذا مات. (٢)

والشريعة قد استقرت على أن ولد اليهودي والنصراني يتبع أبوية في الدين في أحكام الدنيا، فيحكم له بحكم الكفر في أنه لا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يرثه المسلمون، ويجوز استرقاقهم، ونحو ذلك - فلم يجز لأحد أن


(١) درء تعارض العقل والنقل (٨/ ٤٢١)
(٢) الفصل في الملل والأهواء والنحل (٣/ ٣٨٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>