للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَرَى؟ قَالَ: بَلَى وَعِزَّتِكَ، وَلَكِنْ لَا غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ ". (١)

ووجه الدلالة من ذلك:

أن أيوب -عليه السلام- قد أقسم بصفة من صفات الله تعالى، ومعلوم بالنص والإجماع حرمة القسم إلا بالله تعالى، فدل ذلك أن صفاته -تعالى- منه، وقائمة به تعالى.

*وأما الإجماع:

فقد أجمع أهل السنة على إثبات الأسماء والصفات لله - تعالى - على مايليق به

(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشوري/١١)

قال ابن عبد البر:

أهل السنة مجموعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز إلا أنهم لا يكيّفون شيئا من ذلك ولا يحدُّون فيه صفة محصورة. (٢)

*ومن العقل من وجهين:

*الأول:

" كل صفة كمال اتصف بها المخلوق فالله - سبحانه وتعالى - أولى بالاتصاف بها، وأن كل صفة نقص هي عيب في المخلوق فالله - سبحانه وتعالى - منزه عنها من باب أولى ". وهذا هو قياس الأولى، فإذا كان الإنسان يُمدح بأن له صفات كمال -على ما يليق به- وهو مخلوق، فمن باب أولى أن يُوصف الخالق -سبحانه - بصفات الكمال كلها. (٣)


(١) أخرجه البخاري (٣٣٩١) وأحمد (١٠٦٣٨)
(٢) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (٣/ ٣٥١)
(٣) تنبيه:
قولنا " كل صفة كمال اتصف بها المخلوق فالله أولى أن يتصف بها.. ، فهذا متعلق بصفات الكمال المطلق، كالعزة والقوة والحكمة، لا الكمال النسبي، كصفة الولد -مثلاً- صفة كمال في المخلوق، وهي نقص في الخالق. وكذا يقال في صفات: النوم والطعام.
وكذلك قولنا "و كل صفة نقص في المخلوق فالله منزه عنها من باب أولى " فهذا متعلق أيضاً بصفات النقص المطلق، كالعجز و الفقر، لا الكمال النسبي، كصفة الكبر -مثلاً- فهي صفة كمال لله تعالى، وصفة نقص من ناحية الشرع في حق المخلوق.

<<  <  ج: ص:  >  >>