للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

*الثاني:

أن الذي لا وصف له هو المعدوم، ومن ثم فإن نفاة صفات لله -تعالى - إنما في الحقيقة يعبدون عدمًا.

لذا فهم في الحقيقة لم يثبتوا خالقاً، فقولهم:

بأن الله -تعالى - لا يعلم، ولا يتكلم، ولا يسمع، ولا يرى، وليس له يد، وليس له وجه، ولا قدرة ولا إرادة وليس فوق السماوات ولا تحتها، وقولهم بنفى جميع الأسماء والصفات عن الله -تعالى -هذا في الحقيقة ما أفاد شيئا؛ لأنه لا يوجد شيء مسلوب الأسماء والصفات إلا العدم، فكل موجود لا بد له من صفات، حتى الجماد، لذا فقد آل الأمر بالمعطلة النفاة إلى أن صاروا يعبدون عدماً، ولا يثبتون خالقاً.

فالجهمية النفاة غالوا في التنزية فعبدوا عدماً، والمقاتلية والرافضة المجسمة غالوا في التشبية فعبدوا صنماً. (١)

وأهل السنة لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، بل هم أسعد الناس بقوله تعالى} لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ {.

قال أبو يوسف القاضي:

صنفان ما على وجه الأرض شر منهما: الجهمية والمقاتلية. (٢)

٢ - الفائدة الثانية: أسماء الله حسنى:

قال تعالى {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} الآية. فأخبر الله -تعالى - أنّ له الأسماء وأنّها حُسنى.

وإنما سُمِّيت بذلك لأنها دالة على معاني


(١) والمقاتلية: أتباع مقاتل بن سليمان البلخي، قال أبو حنيفة قال:
أتانا من المشرق رأيان خبيثان: جهم معطل، ومقاتل مشبّه ". وقال عنه ابن حبان:
كان يأخذ عن اليهود والنصارى علم القرآن الذي يوافق كتبهم، وكان مشبهًاً يشبّه الرب بالمخلوقين، وكان يكذب مع ذلك الحديث.
وانظر "تاريخ بغداد" (١٣/ ١٦٤) و"المجروحين من المحدِّثين " (١٦/ ٣٤٨)
*تنبيه:
مقاتل بن سليمان الخراساني، إمام مشهور من أئمة التفسير، والخلاف في نسبة مقالة التشبيه إليه طويل، ويحتاج ذلك إلى تحرير ومراجعة تاريخية، وقد نفى بعض الدارسين هذه المقالة عن مقاتل، وذلك بناءً على عدد من الأدلة والشواهد. وانظر العقود الذهبية (١/ ١٧٣)
(٢) السنة لعبد الله بن أحمد (١/ ١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>