للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما أن قوله سبحانه وتعالى: {فَادْعُوهُ بِها} يعني ادعوا الله بأسمائه التي سمَّى بها نفسه أو سمَّاه بها رسوله، ففيه دليل على أن أسماء الله تعالى توقيفية لا اصطلاحية.

فمن ادَّعى أن الله -تعالى- من أسمائه اسم كذا... فعليه الدليل، وإلا دخل فى قوله تعالى " إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٦٨) قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (٦٩) " (يونس/٦٨ - ٦٩)

وقوله تعالى " وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ " (الإسراء/٣٦).

فتسمية الله بما لم يسمِ به نفسه أو إنكارما سمَّى به نفسه جناية فى حقه تعالى، فوجب سلوك الأدب فى ذلك.

والتوقيف في أسماء الله - تعالى- يقتضى ألا نسميه -تعالى- إلا بما ورد به النص، فإنه يُسَمَّى جَوادا ولا يُسَمَّى سَخِيًّا، وإن كان في معنى الجواد، ويُسَمَّى رَحِيمًا ولا يُسَمَّى رَقيقا، ويُسَمَّى عَالِمًا، ولا يُسَمَّى عاقلاً. (١)

قال أحمد:

"لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم لا نتجاوز القرآن والسنة". (٢)

قال ابن حزم:

ونرد على من أقدم على أن يسمِّى الله - تعالى - بغير نص، فنقول:

لا تتعد ما جاء به النص. (٣)

وقال أبو القاسم القشيري:

الأسماء تؤخذ توقيفاً من الكتاب والسنة والإجماع، فكل اسم ورد فيها وجب إطلاقه في وصفه، وما لم يرد لا يجوز، ولو صح معناه. (٤)

*ومن النظر:

فمن المعلوم أنه لا يجوز تسمية الرسول -صلى الله عليه وسلم -بما ليس من أسمائه،


(١) لباب التأويل في معاني التنزيل (٢/ ٢٧٦) وتفسير القرآن للسمعاني (٢/ ٢٣٥) والقواعد المثلى (ص/١٣)
(٢) لمعة الاعتقاد (ص/ ٩).
(٣) الفصل والملل (١/ ٤٢١) وممن نص على ذلك من الأئمة: السجزي في رسالته إلى أهل زبيد (ص/١٢٢)
وقوام السنة الأصبهانى في " الحجة في بيان المحجة " (٢/ ٣٨٣)
(٤) شرح الكوكب المنير (١/ ٢٨٨)
وأبو القاسم القشيري هو عبد الكريم بن هوازن النيسابوري الشافعي، الملقب بـ "زين الإسلام"، قال ابن السبكي:
"كان فقيها بارعا، أصولياً محققاً، متكلماً سنياً، محدثاً حافظاً، مفسراً متقناً، نحويا لغوياً أديبا. أشهر كتبه " التفسير الكبير" و"الرسالة" وغيرها. توفي سنة ٤٦٥ هـ. انظرترجمته في طبقات الشافعية للسبكي (٥/ ١٥٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>