للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يراد بهما معنيين: أحدهما المغاير لتلك الذات المسماة بالله، وكل ما غاير الله مغايرة محضة بهذا الاعتبار فلا يكون إلا مخلوقاً، ويراد به مغايرة الصفة للذات إذا خرجت عنها، فإذا قيل علم الله وكلام الله غيره بمعنى أنه غير الذات المجردة عن العلم والكلام كان المعنى صحيحاً، ولكن الإطلاق باطل، وإذا أريد أن العلم والكلام مغاير لحقيقته المختصة التي امتاز بها عن غيره كان باطلاً لفظاً ومعنى. (١)

٢ - الشبهة الثانية:

قالوا: لقول بالصفات يلزم منه تشبيه الله -تعالى- بخلقه، ووصفه بالجسمية" (٢)

*والرد عليهم من وجوه:

*أولًا:

أما دعواهم أن القول بالصفات يلزم منه تشبيه الله بخلقه:

فهى دعوى باطلة، فإن نصوص الكتاب والسنة وإجماع الأمة دالة على إثبات ما أثبته الله -تعالى- لنفسه من غير تمثيل ولا تشبيه.

وقد اتخذا نفاة الصفات دعوى التشبيه مطيَّة لنفي الصفات الإلهية، بل وكفَّروا مخالفيهم من أهل السنة المثبتين للصفات، ومثال ذلك ما صنَّفه بشر المريسي وسمَّاه (كفر المشبهة)

وتأمل الفرق بين تكفير أهل السنة للمشبهة، كما فى قول نعيم من حماد:

"من شبَّه الله بخلقه فقد كفر"، وبين تكفير الجهمية ومن على نحلتهم للمشبهة:

أ) فأما تكفير أهل السنة للمشبهة:

فإنما يكفِّرون من أثبت صفات الله - تعالى- على نحو يشابه صفات البشر.

ب) وأما تكفير الجهمية ومن على نحلتهم للمشبهة:

فإنما يكفِّرون من أثبت


(١) بدائع الفوائد (١/ ١٩)
(٢) قال القاضي عبد الجبار: كل ما كان مما لا يجوز إلا على الأجسام يجب نفيه عن الله تعالى، وإذا ورد في القرآن آيات تقتضي بظاهرها التشبيه، وجب تأويلها؛ لأن الألفاظ معرضة للاحتمال، ودليل العقل بعيد عن الاحتمال.!! (المحيط بالتكليف (ص/٢٠٠))

<<  <  ج: ص:  >  >>