وقد ورد هذا المعنى في أول أمر في القرأن في قوله تعالى (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١)) (البقرة/٢١) فالذى انفرد بالخلق هو المستحق للعبادة دون غيره.
قال ابن القيم:
والإلهية التى دعت الرسل أممهم إلى توحيد الرب بها: هى العبادة والتأليه، ومن لوازمها: توحيد الربوبية الذى أقر به المشركون، فاحتج الله عليهم به، فإنه يلزم من الإقرار به الإقرار بتوحيد الإلوهية. (١)
ومعنى كلام ابن القيِّم أنَّ الله - تعالى - احتجَّ على المشركين بتوحيد الربوبية على توحيد الألوهية والعبادة لا العكس، فتبيَّن بذلك أنَّ توحيد الربوبية والأسماء والصفات وحده لا يكفي لإدخال صاحبه في الإسلام، ولا يُنقذه من النار، ولا يعصم مالَه ودمه إلاَّ بتوحيد الألوهية والعبادة.
*و كذلك فإن شهادة " أن لا إله إلا الله ":
تدل على توحيد الأسماء والصفات بدلالة المطابقة، لشمولها على اسم الله عزوجل، ودلالة التضمن لأن الأدلة الشرعية قد دلت على إثبات الأسماء والتى تتضمن صفات الله تعالى، قال تعالى (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)(الإسراء/١١٠) فاسم " الله " يتضمن صفة الألوهية، والله مألوه أي معبود تحبه القلوب وتأله.
* الفائدة الثالثة:
قوله صلى الله عليه وسلم " أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ.... "
وهكذا التوحيد الصحيح إنما ينبني على ركنين:" ركن النفي، ركن الإثبات". نفي الألوهية عمَّن سوى الله تعالى، وإثبات الألوهية لله وحده لا شريك له، فالنفي المحض ليس بتوحيد، والإثبات المحض ليس بتوحيد، حتى يجمع بينهما.
والذي يستقرئ أدلة الكتاب والسنة يقف على هذا المعنى: