للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان جبريل -عليه السلام- كثيراً ما يأتى النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في صورة الصحابي الجليل دحية الكلبى رضى الله عنه:

ففى حديث أُمّ سَلَمَةَ -رضى الله عنها- أن جبريل -عليه السلام - جعَلَ يَتَحَدَّثُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّ سَلَمَةَ: «مَنْ هَذَا؟» أَوْ كَمَا قَالَ، قَالَتْ: هَذَا دِحْيَةُ، فَلَمَّا قَامَ، قَالَتْ:

وَاللَّهِ مَا حَسِبْتُهُ إِلَّا إِيَّاهُ، حَتَّى سَمِعْتُ خُطْبَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُخْبِرُ خَبَرَ جِبْرِيلَ. (١).

*عودٌ إلى حديث الباب:

قَالَ جبريل: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ.....

وهنا فوائد: الفائدة الأولى:

١) قول جبريل -عليه السلام- " يا مُحَمَّد "، حيث ناداه باسمه المجرد، وإنما فعل ذلك لأنه أراد التعمية على السامعين، فصنع صنيع الأعراب. (٢)

٢) * الفائدة الثانية:

شهادة " أن لا إله إلا الله ": تشمل على أنواع التوحيد الثلاثة " توحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات ".

فهي تدل على توحيد الألوهية بدلالة المطابقة، لأن معنى " لا إله إلا الله ": أي لا معبود بحق إلا الله.

وهى تدل على التوحيد ربوبية بدلالة التضمن؛ لأنَّ مَن عبد الله -تعالى- ولم يشركْ به شيئًا فهذا يدل ضمنًا على أنه قد اعتقد بأن الله هو ربه ومالكه الذي لا رب غيره.


(١) متفق عليه.
و دحية الكلبي هو دحية بن خليفة بن فروة بن فضالة الكلبي القضاعي، صاحب النبي -صلى الله عليه وسلم- ورسوله بكتابه إلى عظيم بصرى، ليوصله إلى هرقل. أسلم دحية قبل بدر، ولم يشهدها، وكان يضرب به المثل في حسن الصورة، وكان يشبه بجبريل، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُوْلُ: (يَأْتِيْنِي جِبْرِيْلُ فِي صُوْرَةِ دِحْيَةَ، وَكَانَ دِحْيَةُ جَمِيْلاً) أورده الحافظ في
الإصابة عن النسائي، وصحح إسناده.
قال الذهبي: لا ريب أن دحية كان أجمل الصحابة الموجودين بالمدينة، وهو معروف، فلذا كان جبريل ربما نزل في صورته. وقد شهد دحية اليرموك، وقد نزل دمشق وسكن المنزّة، وعاش إلى خلافة معاوية. وانظر سير أعلام النبلاء (٢/ ٥٥٠) والإصابة في تمييز الصحابة (٢/ ٣٢١)
(٢) النكت على صحيح البخاري (٢/ ٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>