للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالثة:

إذا كان الرجل صائمًا وحضر الإفطار ونام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي، يعني إذا غربت الشمس فإنه يحل له أن يفطر، ولكن إذا ناموا قبل الأكل فإنه يلزمه الإمساك إلى مغيب الشمس من الغد.

فعَنِ البَرَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ:

" كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -إِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَائِمًا، فَحَضَرَ الإِفْطَارُ، فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ وَلَا يَوْمَهُ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنَّ قَيْسَ بْنَ صِرْمَةَ الأَنْصَارِيَّ كَانَ صَائِمًا، فَلَمَّا حَضَرَ الإِفْطَارُ أَتَى امْرَأَتَهُ، فَقَالَ لَهَا: أَعِنْدَكِ طَعَامٌ؟ قَالَتْ: لَا وَلَكِنْ أَنْطَلِقُ فَأَطْلُبُ لَكَ، وَكَانَ يَوْمَهُ يَعْمَلُ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ:

خَيْبَةً لَكَ، فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ غُشِيَ عَلَيْهِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: ١٨٧] فَفَرِحُوا بِهَا فَرَحًا شَدِيدًا، وَنَزَلَتْ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ} [البقرة: ١٨٧]. (١)

وعبادة الصوم من أجل وأعظم العبادات التى يتقرب بها العبد إلى ربه عزوجل، ولو لم يأت في فضل الصوم إلا قوله تعالى " كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، هُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ " (٢) لكفى.

*ومما ورد في الترهيب من ترك الصوم:

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:

" بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي رَجُلَانِ ثُمَّ انْطَلَقَا بِي، ... فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ مُعَلَّقِينَ بِعَرَاقِيبِهِمْ مُشَقَّقَةٍ أَشْدَاقُهُمْ، تَسِيلُ أَشْدَاقُهُمْ دَمًا، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟، قَالَا: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُفْطِرُونَ قَبْلَ تَحِلَّةِ صَوْمِهِمْ. (٣)


(١) أخرجه البخاري (١٨١٦)، والترمذى (٢٩٦٨)
(٢) متفق عليه.
(٣) أخرجه ابن خزيمة (١٩٨٦) والحاكم (١٥٦٨)، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. وقال الذهبي: على شرط مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>