للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُهِينًا (١٥١) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) (النساء/١٥٢)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

والمسلمون آمنوا بالأنبياء كلهم، ولم يفرقوا بين أحد منهم؛ فإن الإيمان بجميع النبيين فرض واجب، ومن كفر بواحد منهم فقد كفر بهم كلهم، ومن سب نبياً من الأنبياء فهو كافر يجب قتله باتفاق العلماء. (١)

ولذا فمن كذَّب رسولاً من رسل الله -تعالى- فقد كذَّب كل الرسل، يدل عليه قوله تعالى (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ) (الشعراء/١٠٥)، فأوقع التكذيب على المرسلين، وهم لم يكذبوا إلا الرسول المرسل إليهم؛ لأن من كذَّب رسولًا فقد كذَّب الرسل، لأن كل رسول يأمر بتصديق غيره من الرسل، ولكونهم متفقين في الدعوة إلى الله عزوجل. (٢)

* يؤيده:

ما ورد عن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضى الله عنه- عَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ:

«وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، أَوْ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَا يُؤْمِنُ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ». (٣)

وهذا لمن أبين الأدلة القاطعة على وجوب اتباع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن شرعته ناسخة لما سبقها من الشرائع.

فلو فُرض أنه وُجد اليوم نصرانى يشهد بوحدانية الله -تعالى - وبشرية المسيح عيسى الرسول عليه السلام، فلن يطأ الجنة حتى ينضوي تحت لواء وشريعة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

* ومن الإيمان بالرسل أن نؤمن بأن الله - سبحانه وتعالى - بعث رسلاً لا يحصيهم إلاّ هو سبحانه، وأن تؤمن بمن سمَّاه الله منهم، قال تعالى (وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ) (النساء/١٦٤)

فقوله تعالى (وَرُسُلا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ) أي: خلقاً آخرين لم يُذكروا في القرآن.


(١) وانظرالصفدية (ص/٣١١) ونواقض الإيمان (ص/١٧٨)
(٢) الجامع لأحكام القرآن (١٣/ ١١٩) وفتح القدير (٣/ ١٧٦)
(٣) أخرجه مسلم (١٥٣) وأحمد (٨٢٠٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>