للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودل الإجمالُ في ذكر "الملائكة والكتب والرسل" في حديث الباب عَلى الاكتفاء بذلك في الإيمان بهم من غير تفصيل، إلا من ثبتت تسميته فيجب الإيمان به عَلى التعْيين.

قد اختلف أهل العلم في عدد الأنبياء والمرسلين، وذلك بحسب ما ثبت عندهم من الأحاديث الوارد فيها ذِكر عددهم، فمن حسَّنها أو صححها فقد قال بمقتضاها، ومن ضعَّفها فقد قال بأن العدد لا يُعرف إلا بالوحي فيُتوقف في إثبات العدد. (١)

* وقد فاضل الله -تعالى- بين رسله وأنبيائه، كما قال تعالى (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ) (البقرة/٢٥٣)، وقال تعالى (وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ) (الإسراء/٥٥)

فجعل الخُلة لإبراهيم ومحمد عليهم الصلاة والسلام، وجعل محمداً -صلى الله عليه وسلم- خير النبيين والرسل. فعن أَبُى هُرَيْرَةَ-رضى الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (٢)

فإن قيل:

قال تعالى (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) (البقرة/٢٨٥) فنهى عن التفريق بين الرسل!!

فالرد عليه:

عندنا أمران: التفريق والتفضيل، فالنهى الوارد هنا إنما هو عن


(١) وقد ورد عن أبي ذر- رضى الله عنه- أنه قال: قلت: قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَمِ الْمُرْسَلُونَ؟ قَالَ: "ثَلَاثُ مِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ، جَمًّا غَفِيرًا "، وَقَالَ مَرَّةً: "خَمْسَةَ عَشَرَ ". أخرجه أحمد (٢١٥٤٦)
، وهو حديث ضعيف جدّاً، إسناده ضعيف جداً لجهالة عبيد بن الخشخاش، ولضعف أبي عمر الدمشقي، وقال الدارقطني: المسعودي عن أبي عمر الدمشقي متروك. المسعودي: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة.
وأخرجه ابنُ حبان في صحيحه (٣٦١)، وفيه إبراهيم بن هشام الغسَّاني، قال الذهبي عنه: متروك، بل قال أبو حاتم: كذّاب، ومن هنا فقد حكم ابن الجوزي على الحديث بأنه موضوع مكذوب. ذكره شعيب الأرنؤوط في تحقيقه للمسند.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
وهذا الذي ذكره أحمد، وذكره محمد بن نصر، وغيرهما، يبين أنهم لم يعلموا عدد الكتب والرسل، وأن حديث أبي ذر في ذلك لم يثبت عندهم. وانظر مجموع الفتاوى (٧/ ٤٠٩).
(٢) أخرجه مسلم (٢٢٧٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>