للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقال: من كفَّره بعينه؛ فلقيام الدليل على أنه وجدت فيه شروط التكفير وانتفت موانعه، ومن لم يكفره بعينه؛ فلانتفاء ذلك في حقه هذه مع إطلاق قوله بالتكفير على سبيل العموم. والدليل على هذا الأصل: الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار. (١)

وقال رحمه الله:

فالإمام أحمد -رحمه الله تعالى- ترحَّم عليهم واستغفر لهم؛ لعلمه بأنهم لمن يتبين لهم أنهم مكذِّبون للرسول صلى الله عليه وسلم، ولا جاحدون لما جاء به، ولكن تأولوا فأخطأوا، وقلَّدوا من قال لهم ذلك. (٢)

ويقرر ابن حزم العذر بمثل هذا التأويل قائلاً:

" ومن بلغه الأمر عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - من طريق ثابتة، وهو مسلم، فتأوَّل في خلافه إياه، أو رد ما بلغه بنص آخر، فما لم تقم عليه الحجة في خطئه في ترك ما ترك، وفي الأخذ بما أخذ، فهو مأجور معذور، لقصده إلى الحق، وجهله به، وإن قامت عليه الحجة فى ذلك فعاند فلا تأويل بعد قيام الحجة. (٣)

*وهنا فائدة: في ضوابط التأويل التى يُعذر بها المرء:

١ - الضابط الأول:

يُشترط كونُه من التأويل السائغ، وهو ما لا يعود على الدين بالإبطال، ويكون مقبولاً في لغة العرب، ويكون قاله قاصداً أن يصيب الحقَّ، وقالَه وفْق قواعد العلم؛ ومِثل هؤلاء لهم أعذارٌ في وُقوعهم في التأويل.

فلا خلاف في كفر من جحد ذلك المعلوم بالضرورة للجميع، وتستر باسم التأويل فيما لا يمكن تأويله، كالملاحدة في تأويل جميع الأسماء الحسنى، بل جميع القرآن والشرائع والمعاد الأخروي من البعث والقيامة والجنة والنار. (٤)


(١) مجموع الفتاوى (١٢/ ٤٨٩)
(٢) المصدر السابق (٢٣/ ٣٤٩)
(٣) الدرة فيما يجب اعتقاده (ص/٤١٤)
(٤) إيثار الحق على الخلق (ص/٤١٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>