للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما بطن من الاعتقاد، وليس ذَلِكَ؛ لأن الأعمال ليست من الإيمان، أو التصديق بالقلب ليس من الإسلام، بل ذَلِكَ تفصيل لجملة هي كلها شيء واحد وجماعها الدين؛ ولهذا قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "أتاكم جبريل يعلمكم دينكم". والتصديق والعمل يتناولهما اسم الإيمان والإسلام جميعا، يدل عليه قوله سبحانه وتعالى: {إن الدين عند الله الإسلام} [آل عمران: ١٩]، {ورضيت لكم الإسلام دينا} [المائدة: ٣]، {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه} [آل عمران: ٨٥]

فأخبر أن الدين الذي رضيه ويقبله من عباده هو الإسلام، ولن يكون الدين في محل القبول والرضا إلا بانضمام التصديق إلى العمل. (١)

ثم يقال هنا:

كما فُسر الإيمان بالإعتقاد في حديث جبريل -عليه السلام - فقد فُسر بالعمل، وهذا ما دل عليه الكتاب والسنة:

قال تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤)) (الأنفال /٤)

وقال تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (١٥)) (الحجرات/١٥)

و في حديث وَفْد عَبْدِ القَيْسِ، فقد قَالَ لهم النبي صلى الله عليه وسلم:

«أَتَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصِيَامُ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُعْطُوا مِنَ المَغْنَمِ الخُمُسَ». (٢)

قال الخطابي:

فضم هذه الأعمال إلى كلمة الشهادة وجعلها كلها إيماناً، وهذا يبين لك أن اسم الإيمان قد يدخل على الإسلام واسم الإسلام يدخل على


(١) وانظر شرح السنة (١/ ٥٩) والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (٢/ ٤٥٧)
(٢) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>