للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإيمان، وذلك لأن معنى الإيمان التصديق ومعنى الإسلام الاستسلام، وقد يتحقق معنى القول بفعل الجوارح ثم يتحقق الفعل ويصح بتصديق القلب نية وعزيمة، وجماع ذلك كله الدين، وهو معنى قوله جبريل أتاكم يعلمكم دينكم. (١)

ودفعاً لِتوهّم التعارض بين حديث جبريل وحديث وفد عبد القيس، فقد جمع السلف بينهما ـ على أن الإسلام والإيمان إذا اجتمعا افترقا. وإذا افترقا اجتمعا. فالإيمان والإسلام إذا ذُكرا مجتمعَين، كما في حديث جبريل، فإنه يراد من كل منهما غير ما يراد من الآخر، فيراد من الإيمان ما في القلب، من الإيمان بالله وملائكته... إلى آخر ما ذُكر في الحديث. ويراد بالإسلام الشهادتان بتوابعهما من الأعمال الظاهرة. وإذا ذُكر أحدهما مجرداً عن الآخر دخل الآخر فيه، كما في حديث وفد عبد القيس.

فما يسمى إسلاماً يسمى إيماناً، وأن الإسلام والإيمان يجتمعان ويفترقان، فإذا ذُكر أحدهما دخل فيه الآخر.

فلا إيمان باطن إلا بإسلام ظاهر، ولا إسلام ظاهرإلا بإيمان باطن، وأن الإيمان والعمل قرينان، لا ينفع أحدهما بدون صاحبه. (٢)

وخلاصة ما سبق أن يقال:

والإسلام والإيمان إذا ذكرا جميعا فالإسلام معناه الأعمال الظاهرة، والإيمان هو الأعمال الباطنة، أعمال القلوب، وما يقوم به من التصديق والعلم، ولا بد من الإسلام والإيمان جميعا، الإسلام الأعمال الظاهرة، والإيمان الأعمال الباطنة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الإسلام علانية، والإيمان في القلب»، فإن ذكرا جميعا صار لكل واحد معنى خاص به، وإذا ذكر واحد منهما دخل فيه الآخر، إذا ذكر الإيمان وحده دخل فيه الإسلام، وإذا ذكر الإسلام وحده دخل فيه الإيمان؛ لأنه لا يصح إسلام


(١) معالم السنن (٣/ ٥٣٨)
(٢) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (١/ ١٣٨) والإيمان بين السلف والمتكلمين (ص/٣٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>