للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعرفة والمحبة لله ورسوله، أوجب بغض أعداء الله، كما قال تعالى: {وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ}. (١)

وقال تعالى: {لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا ءابَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مّنْهُ} [المجادلة: ٢٢]

فإذا وجدنا من يواد ويوالي ويعظِّم الكافرين المحادِّين لله ورسوله؛ علمنا أنه ليس بمؤمن، لأنَّ المؤمنين لا يكونون كذلك، فالمؤمن يتبرأ من أعداء الله، كما قال تعالى ((قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءَاؤُاْ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ) [الممتحنة: ٤].

إنها سورة كاملة في كتاب لله -تعالى- تؤسس وتؤصل لهذا المعنى الذى هوالتبرؤ من المشركين، وهى سورة براءة الكبرى وهى سورة التوبة، وسورة براءة الصغرى وهى سورة الكافرون.

* قَالَ جَرِيرٌ بْنُ عَبْدِ اللهِ رضى الله عنه: أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُبَايِعُ، فَقُلْتُ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْسُطْ يَدَكَ حَتَّى أُبَايِعَكَ، وَاشْتَرِطْ عَلَيَّ، فَأَنْتَ أَعْلَمُ، قَالَ:

"أُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتُنَاصِحَ الْمُسْلِمِينَ، وَتَبْرَأُ مِنَ الْكَافِرِ ". (٢)

فدل الحديث أن البراءة من الكافر أحد الأصول التى بُنيت عليها مبايعة الصحابة -رضى الله عنهم- للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

* وسداً وحسماً لهذه المادة فقد نهى الشرع عن مساكنة المشركين في ديارهم: عن سمرة بن جندب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " «لَا تُسَاكِنُوا الْمُشْرِكِينَ، وَلَا تُجَامِعُوهُمْ، فَمَنْ سَاكَنَهُمْ أَوْ جَامَعَهُمْ فَلَيْسَ مِنَّا». (٣)

*قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

ولأجل هذا الأصل:

وقع التأثَّر والتأثير في بني آدم،


(١) الإيمان الأوسط (ص/٤٠٢)
(٢) أخرجه أحمد (١٩١٦٥) والنسائي (٤١٧٧) و صححه الألبانى.
(٣) أخرجه الحاكم (٢٦٢٧) وقال: صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه. وقال الذهبي في تلخيصه على شرط الشيخين. وحسَّنه الألبانى في الصحيحة بمجموع الطرق (٢٣٣٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>