للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاحية لشيءٍ ما وجود ذلك الشيء، إذ لا يلزم من وجود أهلية الخلافة وجودها لكل من وجدت له أهليتها، وكذلك القضاء وغيره، وعلى هذا فلا يأمن من حصلت له أهلية المغفرة من المؤاخذة على ما عساه أن يقع منه من الذنوب. (١)

*قوله صلى الله عليه وسلم: (لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ):

وهذه بشارة لأهل بدر بمغفرة الذنوب وما ذلك إلا لسبقهم في البذل والجهاد، ولهذا فقد اتفق جمهورالعلماء أن أفضل الصحابة هم على الترتيب:

الخلفاء الراشدون ثم بقية العشرة المشهود لهم بالجنة، ثم أهل بدر، ثم أهل بيعة الرضوان.

قال ابن القيم:

من قواعد الشرع والحكمة ايضا أنّ من كثرت حسناته وعظمت وكان له في الإسلام تأثير ظاهر، فإنه يحتمل له مالا يحتمل لغيره ويعفي عنه مالا يعفي عن غيره؛ فإن المعصية خبث والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث، بخلاف الماء القليل فإنه لا يحمل أدنى خبث، ومن هذا قول النبي - صلى الله عليه و سلم - لعمر:

"وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم". (٢)

وقال رحمه الله:

أن الكبيرةَ العظيمَةَ مما دون الشركِ قد تُكَفَّرُ بالحسنةِ الكبيرةِ الماحية، كما وقع الجَسُّ مِن حاطب مكفراً بشهوده بدراً. (٣)

* وقوله تعالى (فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ) فيه أمور:

١) الأول:

أن هذا الوعد بالغفران لهم إنما يكون في الآخرة، وإلا فإنْ توجه على أحد منهم حد أو غيره أقيم عليه في الدنيا، و قد نقل القاضي عياض الإجماع على إقامة الحد على أن من ثبت عليه، وقد ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - مِسطحاً الحد وكان بدرياً، وأقامه عمر - رضى الله عنه- على بعضهم. (٤)


(١) المفهم (٦/ ٤٤١)
(٢) مفتاح دار السعادة (١/ ٥٢٩)
(٣) زاد المعاد (٣/ ٤٢٤)
(٤) وانظر المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (٨/ ٢٩٣) وإكمال المعلم (٧/ ٥٣٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>