للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ومن الفوائد المتعلقة بحديث الباب:

الرد على المرجئة والكرامية الذين قالوا بحصر الإيمان في القول دون العمل، وقالوا لا يضر مع الإيمان ذنب، وأنه لا كفر إلا بالجحود أو الاستحلال. (١)

وحديث الباب قد بيَّن أن الإيمان كما يُنقض بالقول فكذلك يُنقض بالعمل، فقد ذكر عمر بن الخطاب - رضى الله عنه- نفاق من والى أعداء الله - تعالى- وأنه عمل مستحق لضرب العنق فما أنكر عليه الرَسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

كذلك في قول حاطب رضى الله عنه: (وَمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ غِشًّا لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَا نِفَاقًا وَلَا ارْتِدَادًا..) فجعل الردة حاصلة بفعل الجوارح كما تحصل بعمل القلب.

*وإنما جاء الاستثناء في شأن حاطب - رضى الله عنه - لأمرين:

١) أنه ما فعل ذلك نِفَاقًا وَلَا ارْتِدَادًا، وَلَا رِضًا بالْكفر بعد الْإسلَام، بل كان متأولًا، مع صدق نيته؛ ولذلك فقد عفا الله -تعالى- عنه.

٢) كونه بدرياً، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم "

وعليه فإن الحكم العام فيمن أظهر نفاقاً أكبر، كحال موالاة أعداء الله - تعالى- نِفَاقًا وَارْتِدَادًا، وَرِضًا بالْكفر بعد الْإسلَام، فهذا كفر مخرج من الملة، وإن كان ينطق الشهادتين.

* والكتاب والسنة قد دلا على ذلك:

قال تعالى (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (١)) (المنافقون: ١)

وكذلك فقد أمر الله -تعالى - رسوله - صلى الله عليه وسلم - بقتال أمثال هؤلاء، قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ


(١) والإيمان عند الكرامية هو قول اللسان، دون اشتراط تصديق القلب أوعمل الجوارح في أحكام الدنيا، فمن تكلم به فهو مؤمن كامل الإيمان؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَبِل إسلام الناس بمجرد قولهم للشهادتين.
* لذا فالمنافق - وإن أظهر نفاقاً واضحاً - فهو عندهم مؤمن، إلا إنه يخلد فى النار.
وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية أن هذا القول هو الذي اختصت به الكرامية وابتدعته، ولم يسبقها أحد إلى هذا القول، وهو آخر ما أحدث من الأقوال في الإيمان.
وانظر لتفصيل ذلك رسالتنا الفرقان في بيان حقيقة الإيمان (ص/١٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>