للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعرفتها- فهذا الذي نفى اللهُ التعذيبَ عنه حتى تَقُومَ حُجّةُ الرسلِ". (١)

قال الذهبي:

وقد كان سادة الصحابة -رضى الله عنهم- بالحبشة، وينزل الواجب والتحريم على النبي-صلى الله عليه وسلم- فلا يبْلغهم تحريمه إلا بعد أشهر، فهم في تلك الأشهر معذورون بالجهل حتى يبلغهم النص، فكذا يعذر بالجهل كل من لم يعلم حتى يسمع النص. والله تعالى أعلم. (٢)

قال محمد بن عبد الوَهّاب:

"وإذا كُنّا لا نُكفّر مَن عبدَ الصَّنَمَ الذي على قبر "عبد القادر"، والصَّنَمَ الذي على قبر "أحمدَ البدويِّ" وأمثالهما لأجْلِ جهلِهم وعدمِ مَن يُنبّهُهُم... ". (٣)

*عَودٌ إلى حديث الباب:

فهؤلاءِ جَمْعٌ من الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا حُدَثاءَ عهدٍ بكفرٍ، وكان التبرُّك بالأشجار والأحجار والأصنام مما تَوارثُوهُ عن الجاهليّة، فكان عُذرُهم في هذا المَطلَبِ إنما هو الجهل الناشئ عن حداثة العهد بالإسلام، فطلبوا أمراً من الشرك بمَكانٍ، والصحابي يذكُر عُذراً في سياق الكلام، حيث قال: "ونحنُ حدثاءُ عهدٍ بكفرٍ... "، فعذرَهم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك؛ لجهْلهم، لأنهم كانوا حدثاء عهد بكفرٍ.

قال شيخ الإسلام ابن تَيميةَ:

"اتفق الأئمة على أنّ مَن نشأَ بباديةٍ بعيدةٍ عن أهل العلم والإيمان، وكان حديثَ العهد بالإسلام، فأنكرَ شيئاً من هذه الأحكام الظاهرة المُتواترة- فإنه لا يُحكم بكفره حتى يَعرِفَ ما جاء به الرسولُ". (٤)

* فهذا يُفيد أن المسلم المجتهد إذا تكلم بكلام كُفر وهو لا يَدري، فنُبِّهَ على ذلك، فتاب مِن ساعتِه- أنه لا يكفُر كما فعلَ بنو إسرائيل والذين سألوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم. (٥)


(١) طريق الهِجرتينِ (ص/٦١١)، وضوابط تكفير المُعَيَّن (ص/ ٥٧).
(٢) الكبائر (ص/٢٥)
(٣) الدرر السّنيّة (١/ ٦٦).
(٤) مجموع الفتاوى (١١/ ٤٠٧).
(٥) كشف الشبهات (ص/٩١)، والتكفير وضوابطه للسقار (ص/٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>