للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ، وَزَوَّجَنِي اللَّهُ - تَعَالَى - مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ. (١)

*وأما العقل:

فدلالة العقل على علو الله - تعالى- من وجوه، نذكر منها وجهين:

أ) الأول:

وهو أنّ الله - عز وجل - موجود بالاتّفاق، الوجود قَدْرٌ مشترك، فالله - عز وجل - موجود، وخلق الله - عز وجل - أيضا موجودون، وهذان الوجودان إما أن يتمايزا، وإما أن يتداخلا:

فإن تداخلا -يعني صار أحدهما داخل الآخر-:

فإما أن يكون الخَلْقْ محيطين بالله تعالى، وإما أن يكون الخَلْقْ في داخل الله عز وجل.

وخَلْقْ الله - عز وجل - والكائنات منها أشياء مستقبحة ومستقذرة وقبيحة، مثل النجاسات ومثل القاذورات، وهذه لا أحد - من جميع من يبحث هذه المسائل- يقول بجواز أن تكون في داخل الله عز وجل.

فإذاً تَحَصَّلَ الأمر إلى أنَّه يتعَيَّنْ أن يكون الله - عز وجل - عالياً على خلقه؛ لأنَّ الإختلاط يقتضي هذا المعنى العقلي الفاسد، وكون الله - عز وجل - في داخل خلقه هذا فيه نَقص لله تعالى. (٢)

ب) الثانى:

ثبت بصريح المعقول أن الأمرين المتقابلين إذا كان أحدهما صفة كمال والآخر صفة نقص، فإن الله -تعالى- يوصف بالكمال منهما دون النقص، فلما تقابل الموت والحياة وُصف بالحياة دون الموت، ولما تقابل العلم والجهل وصف بالعلم دون الجهل، والمنازع يسلم أنه موصوف بعلو المكانة وعلو القهر، وعلو المكانة معناه أنه أكمل من العالم، وعلوه القهر مضمونه أنه قادر على العالم، فإذا كان مبايناً للعالم، كان من تمام علوه أن يكون فوق العالم، لا محاذياً له، ولا سافلاً عنه، ولمَّا كان العلو صفة كمال، كان ذلك كم لوازم ذاته، فلا يكون مع وجود غيره إلا عالياً عليه، لا يكون قط غير عالٍ عليه. (٣)


(١) أخرجه البخاري (٧٤٢٠)
(٢) إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل (١/ ٤٨٧)
(٣) انظر درء تعارض العقل والنقل (٧/ ٥ - ٦) ومن أراد الاستزادة من دلالات العقل على ذلك فليراجع " الرد على الزنادقة " (ص/٩٥) ومختصر الصواعق (١/ ٢٨٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>